29‏/12‏/2010

الجيــلُ المـُـعَـذَّبْ ........... (1)

يقول المثل الشعبي : ( خبطتين فى الراس توجع ) ، فما بالك بمن أصابته 124587997 خبطة فى الرأس ؟؟ .... يا لشقائه وعذابه ! ، لاسيما إن كانت الضربات من مختـَلـِفِ الضروب والضاربين !.

هذا هو جيلنا المـُـعّـذَّب يا سادة !

لقد ورث جيلنا تـَـرِكة ً مدمرة كئيبة سوداوية مأساوية ..... إلى آخرما عرفنا وما لم نعرف من أوصاف سلبية حـَـوَتـْـها قواميس ومعاجم اللغة العربية وسواها من لغات البشر وسواهم !

لقد ورثنا من الأجيال السابقة علينا أمة ضعيفة متهالكة تكالبت عليها الأعداء والأيام ونفسها ، حتى تهاوى بناؤها الذى ظل صامدا راسيا لأكثر من 10 قرون ، وإذ بمنحنى تقدمها الصاعد ينخسف من عليائه ليهوى إلى قرب خط الصفر ويوشك أن يتجاوزه إلى حيث لا يعلم إلا الله .

وليته تخلفٌ فى مجال أو مجالين أو حتى عشرين ، كما كان الحال فى القرون الألى .... تقدم فكبوة فبسقوط فقيام سريع ، وإنما تقدم فكبوة فكبوة أخرى ، فأخرى ، فسقوط ، فتراخى فمزيد من التراخى ، فارتضاء للتراخى ، فموت سريري ، فـ ... الله أعلم إلى أين ، وإلى أي قاعٍ سنهوى بعد كل هذه القيعان ! .

والتأخر شامل فى كافة مجالات الحياة ، حتى التفاهة والخلاعة والمجون – التى نذبح أعمارنا وأموالنا قربانا لها – تفوقوا علينا فيها !

وورثنا فيضانا من سوء التربية ، فانغرس فى كل منا – بنسب متفاوتة لاشك – غابات متشابكة من العقد النفسية والاجتماعية ، وأصبحت السمة الغالبة على جيلنا المسكين ، هي التناقض وانعدام الهوية ، فتجد أحدنا يفعل الشئ ونقيضه بدون أي استغراب ، ويؤمن بالفكرة ( خاصة من مبادئ وقواعد الدين ) لكنه إيمان لايعدو كونه لفظا موقوف التنفيذ ، فتراه يفعل كل ما يخالفها ويضادها ... ببساطة جيلنا ( يرقص على السلم ) فلا يصعد ولايرتقى ، وليت الأمر هكذا ، وإنما يهوى به رقصه المضطرب إلى ( بئر سلم ) الحياتين .. الأولى والآخرة ! .

لم أقرأ ولم أسمع ولم أعرف أن جيلا – غيرَنا – فى تاريخ الإسلام منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قد تكالبت عليه كل هذه المصارع المهلكة ! .

غياب الهدف والتوجيه والتوجه .. فقدان للمفهوم الوجودي فى الحياة .. استبداد شامل يهيمن على نفوسنا ، على مستوى الأمة بهيمنة القوى الكبرى عليها ، وعلى مستوى الدول باستبداد حكوماتنا وبغياب أية قيمة لرأينا فى قرار بلداننا السياسي والاقتصادى ...الخ ، نزولا إلى مستوى المجتمع الكبير إلى المجتمع الصغير ، ومرورا بالأسرة ، وحتى داخل عقولنا ونفوسنا ، فكثير ما تستبد بنا شهواتنا وطموحاتنا فتجرفنا على درب الصواب .

والأسوأ من كل هذا ، التدين المـُـخـْـتلّ عند أكثرنا ( إلا من رحم ربك بالطبع ) ، والذى يغلب عليه طابع التواكل والاستسهال والسلبية والانشغال بالكماليات عن الأساسات ، وغياب فقه الأولويات ، وتحول الدين في نفوس أكثرنا إلى هوس السؤال عن الحرام والحلال ( بدون تنفيذ لما نسأل عنه فى غالب الأحيان ) ، دون أن نشعر فعلا أننا نحيا بالدين ونتفسه إيمانا وتطبيقا ، فتحولت العبادات كالصلاة مثلا – وهي ألف باء الإسلام – إلى مجرد حركات مفصلية نفعلها تعودا وتجنبا لوخز الضمير – إن وُجـِدَ – ولانتم حتى نصيب الجسد فيها ! ( الركوع والسجود والقيام والقعود ) ، أما صلاة القلوب بالخشوع والتدبر والإحساس الحقيقي بالوقوف بين يدي الخالق العظيم سبحانه وتعالى ... ( فما تسألش عنها أحسنلك ! ) .

شهوات .. شبهات .. ضياع .. ارتياع .. فزع .. جزع .. سقَـم .. ألم .. اضطراب .. تردد .. تذبذب .. انكسار .. فقدان هوية .. حقد .. حسد .. تفاهة ..هيافة .. صفاقة .. رعونة .. أنانية .. شجون .. مجون .. جنون .. ملل .. كلل .. شلل ..شـِـلـَـل .. سُطَـل ! .. مزاج .. هياج .. سُبات .. موات ..........

كلها أمراض تعصف بجسد هذا الجيل الواهن ... لكن لا أقصد من تعداد هذا قتل الروح بالقنوط ، فالأمل فى الله كبير ، وفى هذا الجيل نماذج مشرفة جاهدت وتجاهد وصبرت وصابرت واحتسبت .. وإنما هو عرض للمشكلة وتوضيح بسيط لجوانبها ، وتذكير لنفسى أولا ولكم بخطورة الوضع ، وضرورة الانتباه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ..................... أرجوكم .. فلنجعل جيلنا آخر أجيال المستنقع .. لابد أن يرى الجيل التالى النور ، لابد أن يتنفس أكسجين الحياة والرقي ويلثم أزهار الإيمان النضرة ، وينهل من رحيقها درر الثبات واليقين وإقامة الدين .

لقد ضجرت فعلا من الكلام ، ولست من الذيت يتلذذون بالنصح والإرشاد لإرضاء حاجات فى نفوسهم لايعملها إلا الله ، ولولا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المناكر من أسس هذا الدين ، وأن الوحي الذى يوحى محمدٌ عليه أفضل الصلاة والسلام قد أقر التغيير باللسان ولم يجعله كتغيير القلب من أضعف الإيمان .. لبترت لساني ! ، أو على الأقل ، لكنت ركّـبْتُ ( سوستة ) حديدية من أقوى السبائل المعدنية التى عرفتها البشرية ! ، لتغلق شفتاي ثم أحضرت قفلا ضخما لأحكم أغلاق السوستة ، ويكون مزودا بقنبلة تنفجر عند محاولة كسره عنوة ، ثم ألقيت مفتاح القفل فى بطن حوت مهاجر إلى كوكب فى مجموعة شمسية مجاورة على وشك أن يلتهمه ثقب أسود عملاق يلقى به إلى الجانب الآخر من آفاق الكون التى لا يعلم مداها إلا الذى سوّاها ! .

ولكن فلتكن أقوالا فأعمالْ ، وأفكارا فأشغالْ ، وتمهيدا فإكمالْ ... ولنستفِد مما أتاحته لنا التقنيات الحديثة والخبرات القديمة لننتشل أنفسنا وإخواننا وأصحابنا وكل جيلنا من هذا الموات السحيق .

وكعادة المقدمات – خاصة من غير المحترفين أمثالى - ، فقد حوت فى أغلبها كلاما عاما ، لكن له تفصيل فى القادم من الأجزاء بإذن الله .... وعذرا للإطالة .