22‏/01‏/2011

استفتاء جس النبض !

الحمد لله .. هناك نبض ، لم نَـمُتْ بالكامل .

نعم النبض فى غاية الهزال ... لكن أهو نبض هزيل أحسن م القتيل !!

والهزيل بالإمكان تسمينه ، لكن لابد من استعداد وعمل وإخلاص لله سبحانه وتعالى .

ولكن ما القصة ؟؟؟

قمت ومجموعة من أصدقائى بعمل استقصاء بيانات بسيط مع زملائنا فى كلية الطب والهندسة ، وذلك تحت شعار : الإسلام ... مصر ... القرن الـخامس عشر الهجري .

ببساطة نريد أن نجس نبض هذه الشريحة الهامة من الشباب ، والتى يُعـوَّل عليها كثيرا فى المساهمة فى حدوث نهضة إسلامية بمصر تمكنها من جعل القرن الخامس عشر الهجرى قرنا انقلابيا فى شكل مصر والأمة العربية والإسلامية .

والنهضة الإسلامية المقصود بها نهضة شاملة فى كافة المجالات ، لكنها تتسلح بالإيمان وتتدثــَّــر بالأخلاق وتهدف لإقامة الدنيا بالدين وجعل الدنيا جسرا آمنا لبلوغ الآخرة بإذن الله .

والفكرة تبدو غريبة ، خصوصا أننا لانعمل فى الصحافة أو أي جهة لاتخاذ القرار تهتم بالتعرف على رأي الناس ، أو حزب سياسى أو .. الخ ، إنما هو عمل هواة بالأساس .... إلا أنها كانت تجربة رائعة جدا .

وقد ضمت الشريحة المستهدفة فى هذا الاستفتاء حوالى الـ 30 شابا ، كلهم من الذكور { لأسباب فنية  :)  } ، و قد شمل الاستقصاء ثلاثة عشر سؤالا .

وفيما يلى بيان باستنتاجات لنتائج الإجابات عن الأسئلة .

السؤال الأول : ماذا يعنى لك الإسلام ؟؟؟
أجابت الغالبية العظمى عن هذا السؤال بإجابة تدور حول : الإسلام منهج حياة - الإسلام حياتى - الإسلام أعظم دين للبشرية ..الخ ، وقد لوحظ الآتى من الإجابات :
1- افتقاد الأغلبية للقدرة على التعبير عن المشاعر الذاتية بسهولة ، فقد ( لجلج ) معظمهم فى الكلام وتشعر أنهم ينتزعون الأحاسيس انتزاعا من دواخلهم .

2- اللجوء إلى كلام كبير وعام وخطابي مثل : الإسلام منهج حياة ، لعدم القدرة على التعبير بدقة عن المشاعر الحقيقية ، أو عدم وجود إحساس فعلي يصلح كإجابة شخصية لهذا السؤال .

3- البعض لم يفهم أننى أطلب منه فى هذا السؤال إحساسه الذاتى وليس ما يُفتـَـرَض أن يكون عليه .

4- يبدو أن مركز الحفظ و ( الصم ) و ( الدح ) قد طغى على باقى المراكز فى عقولنا ، وأصبحنا بدلا من التفكير وممارسة الشعور والإحساس نلجأ لهذا المركز الذى أكسبه التعليم ( المضروب ) فى مصر قدسية خاصة ، من أجل نسخ ولصق أفكار ومشاعر لم ننتجها أو نشعر بها .

5- بعض الإجابات كانت تُشـْـعـِـرُنا بمصداقية وإحساس عالٍ ، وأسعدتنا كثيرا وكان أصحابها يعرفون ما يقولون فعلا ويحسون به حقا - والله أعلم - .

السؤال الثاني والثالث : ماذا تعرف عن التيارات الإسلامية فى مصر ؟؟ وما الفروق الرئيسية بينها ؟
أغلب المسئولين لم يعرفوا بالوجه الصحيح معنى كلمة تيار إسلامى ، فأجاب البعض : السنة والشيعة ! ، والبعض قال الإخوان وسكت ، وقلة هي التى قالت التيارات الإسلامية الأكثر انتشارا فى مصر هي : الإخوان - السلفية - الصوفية ، والبعض أضاف التبليغ - الجمعية الشرعية - الجهاد  ( لكنها ضعفت كثيرا وتوارت بسبب الضربات الأمنية والمراجعات الفكرية لأفرادها ) .

ملحوظات :  1- هناك مشكلة واضحة فى المصطلحات ، وحتى من يعرفونها ، عند أكثرهم مشكلة فى ربط المصطلح بالتيار الذى يمثله ، فأحدهم لم يكن يعرف ما هي السلفية وعندما قلت له مثل أتباع الشيخ فلان وفلان ، ضحك وقال عارفهم أوى وبحبهم ، حتى أنه اعتبر التيار السلفي هو أفضل التيارات التى يحب أن تمثله ! .

2- الأغلبية معلوماتها فى هذا الجانب سطحية أو جزئية ، وقلة قليلة لاتتعدى أصابع اليد الواحدة هي من تعرف معرفة أعمق فى هذا الجانب .

3- أقوي مصادر الثقافة فى هذا الموضوع عند العينة المختبرة كانت من وسائل الإعلام ، فلولا قنوات الرحمة والناس والحكمة ..الخ ، لما عرف أكثرهم السلفية ، وكذلك لولا الانتخابات وما يصاحبها من ضجة إعلامية لما عرفوا الإخوان ، وقل مثل ذلك على الصوفية والموالد !


4- يؤخذ على التيار السلفي أنه لا يعطى عند غير منتسبيه - فى الغالب - انطباعا جيدا ، حتى أن البعض يعتقدون أنه لا فارق كبير بينه وبين التيارات التكفيرية والجهادية ، ومازال البعض يظنون أنه تيار يهتم بقشور عديمة الجدوى ، وأنه لا يهتم إلا بإلباس النساء النقاب و تنمية شعر لحى الرجال ! .

السؤال الرابع : هل تعتبر أن لهذه التيارات الإسلامية أثرا إيجابيا فى مصر ؟؟
تباينت الآراء كثيرا فى هذا السؤال ، فمعظم الآراء انقسمت بين انعدام الأثر الإيجابى تماما - ونقصه - أو وجوده لكن ليس بشكل ضخم ، وأقلية لا تذكر هي التى قالت أن لها أثرا إيجابيا واضحا بينا فى مصر .

لكن أضاف الأغلبية أن الصوفية - بالذات - لها الكثير من المثالب وأن أثرها سلبي بشكل واضح ( لم يشكر فيها أي من المسئولين إطلاقا ! ) .

السؤال الخامس : هل تعتبر أنها تستغل الدين لأغراض خاصة بها لا تخدم الدين ؟؟
جاءت كثير من الإجابات بالنفي بالنسبة للإخوان والسلفية والجمعيات الخيرية الإسلامية ،  لكن البعض اتهم الإخوان خصيصا باستغلال الدين للوصول للسلطة لتحقيق مآرب شخصية .


والصوفية متهمة لدى البعض بأنها تنافق النظام المصري وتسمم وعي الجماهير .


السؤال السادس : ما تصورك للتيار الإسلامي الذى تحب أن يمثلك وأن تشارك معه بقوة ؟؟
انقسمت أكثرية الآراء بين الإخوان والسلفية ، مع أسبقية بسيطة للإخوان . ولكن البعض قرر تخيل شكل أفضل - فى اعتقاده - من التيارات الموجودة حاليا كتصور لتياره المثالى ، فمنهم من أسماه : التيار الإخواني المتسلف ، وهناك من قال الإخوان لكن مع اهتمام أكثر بالجانب الدعوى والخيري عن السياسي عديم الجدوى ، والبعض قال : السلفية مع مزيد من الاهتمام بالواقع والسياسة ، وقلة قليلة جدا قالت أنها لا تريد لتيار إسلامي أن يمثلها وأنها تفضل العلمانية والليبرالية .


السؤال السابع : هل تهتم بمتابعة الشأن العام فى مصر ؟
تم تقسيم الإجابة حسب مجالات الشأن العام فى مصر ، لنعرف توزيع الاهتمامات كيف يتم .


أولا : قلة لا بأس بها قالت أنها لا تهتم إطلاقا بالشأن العام فى مصر ! ، وبعضهم قال أنه منذ توقف بعض برامج التوك شو ( القاهرة اليوم مثلا ) فإن اهتمامه ومتابعته للشأن العام فى مصر قل كثيرا جدا .


ثانيا : مجالات الاهتمام : يتربع الاهتمام بالرياضة على عرش الاهتمام بفارق شاسع لدى الكثير من عينة الاستقصاء ! .
يليه  السياسة ( متابعة وليس مشاركة بالطبع ) و الاقتصاد والتعليم  والفنون .
وفى قاع الاهتمام يوجد الاهتمام بمتابعة الثقافة ! .


السؤال الثامن والتاسع : هل تقرأ وماذا ؟
نسبة كبيرة - للأسف الشديد - قالت أنها لا تقرأ تماما ماهو خارج المنهج الدراسي أو تقرأ قليلا .
وقلة هي التى قالت أنها تقرأ كثيرا أو كثيرا جدا .


ومجالات القراءة الأساسية تمثلت فى الدين والسياسة فى المقدمة والرياضة ، ثم الأدب ، وقليل جدا فى مجالات متخصصة مثل التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية والمعلومات العامة ..الخ .


وتربعت شبكة الانترنت على قائمة وسائل القراءة بفارق شاسع عما يليها وهو الجرائد ، ثم الكتب التى لوحظ - للأسف - عزوف الأغلبية عنها كسلا أو مللا على حد قولهم .


السؤال العاشر : هل تشعر أنك تخدم الإسلام ؟
قلة قليلة هي التى أجابت بنعم ، حتى أنهم عقبوا بما يفيد أنهم يشعرون بالتقصير نحوه وأنهم لابد من أن يخدموا دينهم بما هو أفضل كما وكيفا .


والأغلبية العظمى أجابت بلا ، او لا بشدة ! ، ويشعرون بتأنيب ضمير شديد جدا جدا على ذلك ، وتعلل أغلبهم بالدنيا والمذاكرة والامتحانات كأسباب رئيسية لإهمال الاهتمام بخدمة الدين .


لكن الإجماع منعقد على أن الجميع يرغبون فى خدمة الإسلام .


السؤال الحادى عشر : وما تصورك لشكل هذه الخدمة ؟؟
شبه إجماع على أن الخدمة الأساسية التى يقدرون عليها هي بإتقان عملهم فى المستقبل بإذن الله ، وبأن يكونوا متفوقين فى دراستهم وعملهم .


وكثيرون صرحوا بأنهم مستعدون لتقديم خدمات أكثر ، لكن مع الحرص على عدم تضييع أنفسهم ، وعدم الابتعاد كثيرا عن الحائط فى ( مشيهم ) فى هذا الاتجاه ! .


بالبلدي : نخدم آه .. لكن من غير ما نروح فى حديد ! ، فالشائع والمعروف أن خدمة الإسلام أصبحت عبئا على من يقوم به ، وطريقا للحتف والهلاك أو ضياع المستقبل المهنى ...... ، ( هل يكون هذا الزمن هو المقصود بحديث النبي عليه الصلاة والسلام عن زمان يكون فيه القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار ؟؟ .. الله أعلم ) .


ولي بعض الملحوظات على هذه الخدمة - والله أعلى وأعلم - :


1- شعرت أنها طموح فردي بالتفوق فى مجال الدراسة والعمل يتم تغليفه بالدين وخدمة الإسلام لإعطائه شكلا أسمى وأرقى ، ولتسكين الضمير الملتهب نتيجة الإحساس بذنب التقصير تجاه الدين .


2- قلة هي من شعرت من حديثها أنها بالفعل تتخذ الإسلام منهجا شاملا فى حياتها وأنها تؤطر كل صغيرة وكبيرة بإطار الإسلام وإخلاص النية لرب العالمين .


3- قلة قليلة جدا هي من تنتوى أن تخدم الإسلام ولو تطلب الأمر التضحية بالوقت والجهد والنفس ، وأحدهم أعجبنى عندما قال أنه يحرص على التفوق الدراسى وفى عمله بإذن الله ، لكي يكون كل هذا قربانا ثمينا للتضحية إذا تطلب الأمر ذلك .


4- ليس التضحية فى حد ذاتها هدفا ، ولكن وجود الرغبة أو الاستعداد للتضحية علامة صحية - وهي للأسف غائبة - على عدم الركون إلى الدنيا .


قلة أضافت خدمات متميزة للإسلام ، فأحدهم قال إنه يهتم بتعريف الإسلام لغير المسلمين ، حتى أنه بدأ فى دورات تعليمية لهذا الغرض ، والبعض قال أنهم سيحرصون على نشر فكرة الإسلام الوسطي والشامل فى التطبيق بين زملائهم وأسرهم ، والبعض قال أنه سيخدم الإسلام بالتعاون على إصلاح مصر والنهوض بها ولو بعدم إلقاء كيس شيبسى فى الشارع ، فما لايدرك كله لايترك جُلـُّـه .


السؤال الثانى عشر : ما رأيك فى الوضع القائم فى مصر إجمالا ؟؟
شبه إجماع على أنه سئ ، والبعض أوصله إلى سئ للغاية كأقصى ما يكون السوء ! .
وقلة قليلة هي من وصفته بالجيد .


ولم تسجل أية قلة - منحرفة - تقول أنه جيد جدا أو ممتاز !! .


السؤال الثالث عشر والأخير : هل هناك أمل فى إصلاح مصر والنهوض بها فى المستقبل القريب ؟؟
الغالبية قالت لا ، ومنهم من قال لا أمل بشكل كامل فى حدوث إصلاح قريب .


الإجماع منعقد على أن الأمل فى ربنا كبير فى إصلاح مصر ، لكن على المدى البعيد .


قلة قليلة هي من قالت أن هناك أمل ، وأقل منهم كثيرا من قالوا أن الأمل كبير جدا فى حدوث انقلاب فى أحوال مصر فى السنوات القليلة القادمة .








17‏/01‏/2011

زين الهاربين !! ... ودرس تونس


هههههههههه أحلى تريقة قرأتها فى حياتى : زين الهاربين بن على !

بمجرد أن علمت خبر أن الرئيس التونسى خـُــلـِــعَ و ( خـَـلـَــعَ ) إلى الخارج ، حتى شعرت بشعور غريب جدا ، لكننى أحبه جدا جدا ، هو شعور أنه فى كثير من الأحيان يكون الواقع أحلى من الخيال ملايين المرات ! .

لقد شهدنا أعزائى - بنى الأمة العربية و الإسلامية - فى الأيام الماضية حدثا يصعب تكراره فى واقعنا ويندر فى تاريخنا ، أن يقف شعب على قلب رجل واحد فى وجه نظامه المستبد ويجبر الديكتاتور على الظهور فى خطاب تلفزيوني مباشر وهو كسير النفس كاسف البال ، يود لو تتيح له الأقدار أن ( يحب على ايد شعبه ! ) ويقول له : ( عمو عمو عمو .. ممكن ما تخلعونيش ؟؟ ) ، وتتسارع الأحداث وفى اليوم التالى يفر و بعض أركان حكمه الغاشم إلى الخارج يتسولون بلاد العالمين أن تتقبلهم فى أرضها ، فـ ( تباصيهم Pass ! ) كل بلد إلى الأخرى ، حتى مالطا !!!!!! رفضتهم ، وقطر !! أعلنت احترامها لقرار الشعب التونسى فى طردهم ! ، ( ما كانش ناقص غير جيبوتى .. مع كامل احترامى للجيبوتيين ! ) .


والآن نظرة تاريخية سريعة ......

لم يكد يمر عهد الخلفاء الراشدين ، ويبدأ عهد المُلـك العضوض الذى يتنازع عليه الناس بالسيف والمال ، حتى انحرف مسار الحكم والسياسة فى أمتنا الإسلامية عن المسار الذى ينبغى بأمة الإسلام .. خير أمة أخرجت للناس .


 وتذبذب التاريخ الإسلامي بين عصور غاية فى القوة والعدل ، وعصور غاية فى الذل والمهانة ( وأكيد احنا شايفين ده بعيننا ! ) مرورا بكل الدرجات الوسيطة بينهما ، وكان السبب فى ذلك هو غياب هيكل للدولة أو منظومة لحياة الأمة تضمن ألا تنحرف الحكومات عن مسار المبادئ والقيم الإسلامية فى هذا المجال ، وأولها العدل والشورى وكفاءة الحاكم ورضا الناس به و اتخاذ الأمة لكل سبل القوة لحماية نفسها ... الخ ، فكان على الأمة فى الكثير من فترات الظلم أن تنتظر حتى يأتى الحاكم العادل ( من داخل نفسه ) والذى يطبق الشورى ( دون أجبار من قانون أو هيئة حاكمة ) فيصلح ما أفسدته الحكومات السابقة ، ولكن بمجرد وفاة هذا الحاكم العادل ، تضع الأمة يدها على قلبها ، لأن القادم لا علم به إلا الله .

صلاح الدين الأيوبي محرر القدس وواحد من أعظم الحكام المسلمين على مدار التاريخ ، لما توفى تنازع ولداه الحكم لمدة 9 سنين عمت فيها الفوضى مصر والشام حتى ( ركنهما ) عمهما العادل وتولى الحكم ( وقعَّدهما جنب ماما ) ! .

تاريخ يمضى ولكن تبقى الدروس، والأهم : أن يوجد من يستفيد منها ، وجاء عصرنا الحالي وتطور الإنسانية فى كثير من المجالات ، ومنها ما أوجده التقدم الإنسانى من نظام حكم متطور ينتشر فى بلاد أوروبا وأمريكا وبلاد أخرى ، وهو نظام مؤسسي بديع يقوم على التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهيكل إداري غاية فى النظام ، وأساس الحكم أن الأمة هي مصدر السلطات ، فالحاكم - بالبلدى - موظف عند الشعب ، وله الحق فى استبداله إذا لم يؤدِ ما عليه جيدا .


ولمنع حدوث الفتن بين الراغبين فى الحكم ، تم جعل صندوق الاقتراع الفيصل بين المتنافسين ، وعلى الكل احترام النتائج ، وإذا أخل أحد الأطراف بهذا ، فالشعب مستعد للنزول إلى الشارع وقسره على احترام اختياره .


وبالطبع لم يأتِ كل هذا من السماء من الأمطار ، أو ( ناموا فصحيوا لقوه ) ! ، وإنما قرون من التضحيات والدماء والتجارب المريرة ، والحاجة أم الاختراع .


ولكن كعادة الغرب المادي الذى لا يعرف إلا مصالحه ، فإنه عندما استعمر بلادنا ، تعمد أن ينسى كل جميل فى نظامه ومبادئه ، وألا يجلب إلينا إلا وجهه القبيح ، فحلب مواردنا حلبا وقمع أجدادنا الذى قاوموه بالثورات ، وعندما أنهكته الحرب العالمية الثانية ، وقرر أن يترك لبلادنا حريتنا ، فإنه قرر أن يترك وراءه أذنابا أشد وبيلا ، واحتلالا داخليا ممثلا فى حكام طغاة ضعاف الدين والانتماء إلى أوطانهم - إلا من رحم ربك وقليل ما هم - واكتفى بالاحتلال السياسي والاقتصادى والثقافى ، بدلا من العسكري الباهظ التكاليف .
وكل هذا ليتمكن الغرب من سيادة العالم كما يشاء ، ومواصلة حلب مواردنا وثراوتنا ، وجعلنا أسواقا ضخمة لفائض إنتاجه الغزير من خاماتنا الرخيصة .


وهكذا ذهبت - فى الدنيا لا عند الله - الدماء الذكية التى سقطت فداء الجهاد والتحرير سديً ، ودخلت الأمة العربية والإسلامية كلها تقريبا فى زمن من الطغيان والممارسات السياسية الشكلية وانتخابات الـ 99.9999999% والقمع وكبت الحريات و السجن الحربي و ( ورا الشمس ) ، وزين الهاربين - أو زين المجرمين .. سمه ما شئت - مثال على ذلك . بدلا من عصر من النهضة والحرية والوحدة يرضى الله ورسولَه والمؤمنين ، ويعيد هذه الأمة الوسط إلى قيادة العالم كما ينبغى .


وظن أولئك الحكام عباد السلطة الغارقين فى شهوتها حتى النخاع ، أن روح شعوبهم قد ماتت بطول القمع والطغيان ، وبممارسات ديموقراطية هزلية ، لكن أتى زلزال تونس من حيث لا يحتسبون هم ومن وراءهم .


ولكن هل يترك زين الحاقدين شعبـَـهُ يهنأْ بانتصاره العظيم ؟؟؟؟ ، لا اااااااا بالطبع ، فأوصى زبانيته والمنتفعين من حكمه الذين أطلقوا الرصاص على شعبهم إبان الاحتجاجات ، أن يحرقوا البلاد والعباد ويدخلوا البلاد فى الفوضى التى تمكنهم من تدمير أدلة جرائمهم البشعة فى السجون والمؤسسات السياسية والاقتصادية ، وتشويه الثورة المباركة ، ومحاولة عمل ما يشبه ثورة مضادة على الخيار الوطنى .


لكن أثبت الشعب التونسى الحبيب مرة أخرى أنه بالمرصاد ، وتكاتف الجميع وكونوا لجانا شعبية لحماية ديارهم ومصالحهم من النهابين والسلابين من مجرمى الحرس الرئاسي المتنكرين أو من اللصوص الذين أطلقوهم من السجون ، وشاء الله أن يكافأهم برفض الجيش أوامر الطاغية بسحق الثورة الشعبية ، وتعاونه مع الجماهير فى ردع الظالمين والقبض على الكثير من أركان النظام الذين حاولوا الفرار .
وعودة إلى زين الهاربين ...!


هل كان يتصور منذ شهرين أن يؤول به الحال إلى الخروج من بلده هاربا ذليلا تلفظه كل البلاد حتى من عاش لها ( دلدولا ) مخلصا ، أعلنته وأقاربه غير مرحب بهم على أرضها ..... وكذلك أخـْـذُ ربـِّــكَ إذا أخذَ القرى وهي ظالمةٌ إنَّ أخـْــذَهُ أليمٌ شديدْ .


ولم يجد ملجأ إلا فى السعودية ، ليحنو الطغاة على الطاغية ! .


وختاما ، سأوضح بعض ما أريد على هيئة سؤال وجواب .


س : ماذا أقصد من الفقرات التى تنازلت فيها بعدا تاريخيا فى هذا المقال ؟؟؟


ج : كل ما أرمي إليه هو أن نأخذ من وسائل التغيير السلمى للسلطة فى الغرب ، ومن هياكل إدارة الدولة المتقدمة عندهم ، ونضيف إليها روح الإسلام ومبادئه وأهدافه ومقاصده فى الدارين ، فينتج لنا الدولة الإسلامية التى نحلم بها جميعا ، فهذا هو الكفيل بالحفاظ على كل تقدم نحققه فى هذا الجانب ، وأن نتعلم من دروس الواقع والتاريخ خير التعلم  ، وأن تكون أمتى أمة وثابة مبادرة قادرة على تحمى حقوقها وأن تنتزعها انتزاعا إذا لزم الأمر  ........ ببساطة يؤلمنى و ( يحرق دمى ودم اللى خلفونى ) أن أسمع مسلما يرفض ما حدث فى تونس ويقول أنه خروج على الحاكم وفتنة وفساد فى الأرض يرفضه الإسلام ، وأنه لابد أن تترك الأمة الحاكم الظالم ولو جلد الظهر ونهب المال خوفا من الفتنة !!! ، كأن 23 عاما من الفساد والظلم وآلاف المعتقلين والشهداء كثيرا عليها 150 شهيدا وشهر أو اثنين من الفوضى كضريبة دم وكثمن للحرية ! .... والله العظيم ربح البيع يا أهل تونس ، فحافظوا على صفقتكم واحذروا من لصوص الفرح .


يصيبنى بالمرارة الفادحة أن يسوغ أحد ما السكوت على المظالم باسم الإسلام الذى حوت نصوصه آلاف الأدلة على حرمانية الظلم وضرورة دفعه لتحقيق فريضة العدل .... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وخير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، والحاكم الجائر الذى يكمم الأفواه عن جهاد أخطائه ويغلق الآذان عن سماع شكوى الناس ، يتحمل مسئولية أن تنطق اليد بما عجر عنه الكلام ويتحمل النتائج كمسئول أول عن كل المصائب .


س : نفهم أنك تدعو إلى الخروج على الحكام ؟


ج : بالطبع لا أدعو إلى حماقات باسم دفع الظلم ، مثلما فعلت الجماعات الإسلامية المسلحة فى مصر مثلا من تفجيرات عشوائية واضطرابات أضرت بقضية الأمة والشعب المصرى ولم تنفعها وأسالت دماء حراما ، وإنما أدعو إلى حساب المصالح والمفاسد كما علمنا الإسلام ، وأدعو أولا باستنفاذ كل الوسائل الأٌل عنفا للتغيير ودفع الظلم ، حقنا للدماء ، ولذا فأدعو الحكومات فى بلادنا جميعا أن يفتحوا لنا أبوابا للتغيير السلمي الهادئ ، لأنهم كلما ( قطعوا الميه والهوا ) كلما دفعونا دفعا للعنف ، ودورة العنف ليست مأمونة وليست ظروف كل البلدان كتونس ، فإذا أصروا على المضي فى غيهم ، فلا يعجبوا إن فوجئوا بشرارة صغيرة تشعل مكنونات فى صدور شعوبهم فيندلع بركان لا يعلم بكيفية وزمان انخماده إلا الله ، وعليهم حينها أن يكونوا متأهبين بحقائبهم ، ويستحسنوا أن يكون من القادرين على قيادة الطائرات ، لأن ( بعض الطيارين بيرفضوا الإقلاع بطائراتهم فى أوقات وحشة أوى ومحرجة جدا جدا !!! ) ، وكذلك يكون لديهم مكانا مناسبا فى جدة !! 


س : ما أول ما خطر ببالـِك عندما سمعت بخبر ( الخلـَـعون بتاع زين الهاربين ) ؟؟؟


ج : وما كان لهُ من فـِـئـَــةٍ ينصرونه من دونِ اللهِ وما كانَ مُــنْـتـَـصِـرا 


س: هل لديك رسالة توجهها إلى الحكام العرب ؟؟؟


ج : وقل اعملوا فسيرى الله عملـَـكـُم ورسولـُهُ والمؤمنونْ ........ 


س : ماذا تحتاجُ هذه الأمة  بشكل عاجل ؟؟


ج : هذه الأمة المظلومة والظالمة نفسها فى آن واحد ، تحتاج حكاما من عينة القائل : إن أحسنت فأعينونى وإن أسأْتُ فقوِّمونى .. أطيعونى ما أطعتُ الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة َ لى عليكـُـمْ .


س: وماذا تقول لزين الهاربين ؟؟


ج : إذا شاء الله ونـِلـْـتَ ما تستحق فى محاكمة عادلة من شعبِك فى هذه الدنيا ، فسأسعد جدا ولاشك ، وإذا نجحت فى مواصلة الفرار ، فلن تفر من الموت أبدا ، وستموت ورقبتك ( مدلدلة ) من كثرة ما تعلق بها من حقوق البلاد والعباد ، وحينها تكون من المقصودين بقوله تعالى : ( ولا تحسبنَّ اللهَ غافلاً عما يعملُ الظالمونَ إنـَّـما يؤخرُهُــمْ ليومٍ تشخصُ فيه الأبصار ) . وهذا سيسعدنى جدا جدا جدا جدا .


فاعتبروا يا أولى الأبصار .




14‏/01‏/2011

تونس الحمراء


تونس .. تونس .. تونس ! .. وما استعصى على قومٍ منـــالُ ــــ إذا الإقدامُ كان لهم رِكـــابا .

طغت أخبار تونس على كل الأخبار الآن ، حتى اللمسات النهائية لتفتيت السودان وقص شريط الانفصال ، قد توارَيــا خلفَها .

صدقونى أنا أسخر من نفسى الآن ، وأقول لها فى كل آن : ( عرفتى إنك عاجزة ، وما عندك من العلم معشار قطرة من محيط ؟؟؟؟؟ ... اتكلمى بعد كده على قدِّك يا ماما ! ) .

فبعد المسرحية الكوميدية الظريفة التى حدثت منذ شهرين والمسماة : ( الانتخابات التشريعية مصر 2010 ) ، جلست أتأمل فى الأوضاع وأنا فى غاية الاكتئاب ( شوفوا أنا قفل إزاي ؟؟ ، بعد المسرحية الرهيبة ديه وبكتئب ) وأظن أن دورة الزمن قد توقفت فى مصر والعالم العربي والإسلامي ، وترسَّـخ فى أعماق أعماقى يقين بأن هذا الجسد العربي الإسلامي الذى أقعدته أمراض الاستعمار ( بشقيه الخارجى والداخلي ) وكبت الحرية و الاستبداد والخنوع والتراجع والانحطاط ....الخ ما يحتوى قاموس اللغة العربية من مفردات سلبية ، لن تقوم له قومة ، على الأقل فى حياتى طالت أم قصرت ، ولكن التدبير الإلهى دونه كل الفـِـكـَـرْ ... فاعتبروا يا أولى الأبصار .

لقد اهتز هذا اليقين الكئيب ، وقام مكانه يقين شعاره : (من قلب كل محنة تولد المنحة ) ، فهاهو الشاب محمد البوعزيزى ، وهو ضحية متكررة للواقع الكسيح فى عالمنا العربي والإسلامي ، هو مواطن عربى Default !، لم يجد الوظيفة المناسبة لمؤهلاته ، فقرر تطبيق نظرية ( أي شغلانة والسلام أحسن من مفيش ) ، لكن طيور الظلام التى بالبلدي ( لا ترجم ، ولا تريد رحمة ربنا تنزل ) طاردوا فى لقمة عيشه وأهانوه ، فما كان أسهل على الشيطان فى فورة الغضب أن يدفعه إلى قتل نفسه التى هونوها عنده وأفقدوه قيمتها ورونقها بعد أن لوثوا الأرض والسماء بظلمهم واستبدادهم ، فكان هذا كما قال القائل : القشـَّـة التى قصمت ظهرَ البعير .

وهكذا كانت النار التى التهمت جسد البوعزيزي هي الشرارة المنتظرة للأمة التونسية التى همشتها سياسات الحيفِ والخسف والفساد ، وقرر التوانسة أن يقولوا لنظامهم الحاكم الذى مرَّر عليهم حياتهم اقتصاديا وسياسيا ودينيا وثقافيا ... كفاية ، ولكنها باليد لا اللسان ، فكان شعارهم كما يقول الشيخ القرضاوي :

لغة الكلامِ تعطـَّـلتْ ــــــ إلا التكلُّـمَ بالرماح

  إنا نتوق لألسُنٍ بـُكـْــمٍ .. على أيدٍ فـِصاح !

ونزل الجميع إلى الشارع ، أولا المهمشين فى المدن الداخلية البعيدة عن استثمارات الطبقة الحكمة وقراها السياحية ، ثم تضامن الجميع وتكاتفوا ، وقرروا أن يدفعوا الضريبة الحمراء معا ، ووقفوا بصدورهم العارية أمام زبانية النظام وقوات الذعر ( الأمن ) وقناصتها الذين اعتلوا أسطح المبانى .... فللحريةِ الحمراءِ بابٌ ــــــ بكلِّ يدٍ مضرَّجـَّـةٍ يُدّقٌّ .

وأجبرت هذه التضحيات رجال الجيش الذين أغرقتهم امتيازات النظام ووسائل التخدير ( اللى انتم عارفينها ) ، على الوقوف مع أهاليهم وإخوانهم ضد الشرطة فى عدة مواقف ، وسُقـِطَ فى أيدى سدنة النظام ، ولن يمكن استخدام الجيش كورقة أخيرة لسحق انتفاضة الروح والكيان ، هذا أذا ضمنوا أن الجيش لن يجاوز مرحلة الحياد النسبي الحالية إلى مراحل ( يعرفها الجميع خاصة فى بلادنا العربية والإسلامية ) .

ثم تحققت المعجزة ، وخرج علينا بن على يوم الخميس يلاطف شعبه ويخفض له جناح الذل  ، ولكن من الرهبة  ، ولسان حاله : ( أبوس ايديكم ، حد يقرصنى ، أنا فى حلم ولا فى علم ، طب .. طب .. سيبونى أكمل الـ 3 سنين اللى باقيين فى الفترة ديه ، عشان أقفلهم 27 ! واء واء واء  ) .

ولكن أربأ بشعب تونس أن تخدعه دموع تمساح ( لا يجيد إفراز دموع التماسيح ) ! ... فقد مضى الكثير ولم يبقَ إلا القليل .

عامة ، لا أحب الإطالة فى توصيف واقع ، خاصة عندما يكون واقعا مذهلا تعجز الصفات عن إعطائه حقه ، فتميم البرغوثى يقول : إن الصفاتِ خياناتٌ لما تصـِفُ .

وكذلك أحب القفز إلى دروس وكلام ينبنى عليه عمل وفوائد ، فآفتنا الكبرى أن نتكلم كثيرا ولا نعمل إلا قليلا ، وهذا العمل غالبا يكون هدفه أن نعمل ما يمنحنا الفرصة لنتكلم أكثر ! .

وسألخص ما أريد فى سؤالين وإجابتهما .

الأول : ما تقييمك لما حدث فى تونس ؟؟؟

ت
الإجابة : بالتأكيد رائع ومذهل ، ويكفى أن شعب تونس ، سواء من قضى نحبه ومن ينتظر ، قد أعذروا إلى ربهم ، وبإمكانهم أن يقولوا : يارب ! قد قلنا للظالم يا ظالم ، وقمنا بخير الجهاد بكلمة حق كتبتها دماؤنا فى وجه سلطان جائر .
وسواء نجحوا فى خلعه أم لم ينجحوا فيكفيهم فى نظرى ما سبق ، ويكفيهم أنهم أرسلوا رسالة إنذار شديدة اللهجة إلى كل مستبد وظالم ، أن رسوخهم فى عروشهم لا تعنى أنه ليس من الممكن هز العرش بمن فوقه وإسقاطه فى مزبلة التاريخ .
لكن أتمنى بالطبع أن تستثمر هذه الدماء الغالية والتضحيات الباسلة أفضل استثمار ممكن ، ويجنى الشعب التونسى من ورائها أكبر قدر ممكن من المكاسب على كافة المستويات .
وأثرت فيّ كلمتين سمعتهما ، الأولى من شاب تونسى يقول : الرئيس يوعد بالقضاء على الفساد ومحاكمة المفسدين ، فهل هو مستعد لمحاكمة أفراد عائلته ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والثانية من أم فلسطـ .... احم .. تونسية ثكلى تقول : قتلوا ابنى ، عندى أربعة غيره ! ....... لقد تصهيــَــنَ عليهم النظام التونسي ، فكافأوه  بالانتفاضة التى يستحق .... وآن الآوان لكي تطيرَ رأسُ الأفعى .

الثانى : هل يمكن أن يتكرر ما حدث فى تونس ، ولكن فى مصر ؟؟ ( آاااااااه ودونا فى داهية بقى ) !

الإجابة : ممكن ، للأسف الشديد !!

الأسااااااااااااااااااااااااااااااااااااااافففففففففف ؟؟؟!!!!!!!!!! نعم يا خووووووووووووياااااااااااا ، إمال واجع دماغنا فوق إشادة بتونس وشعبها البطل الجرئ و لوك لوك لوك لوك من الصبح ، وفى الآخر وقت الجد تقول الأسف الشديد ؟؟؟

للأسف مضطر أقول للأسف الشديد ، للأسباب الآتية :

1- مليون عسكرى أمن مركزى يتواجدون فى مصر ، ومسلحون جيدا بكل حاجة إلا العقل ( وهذا مقصود ) ، وبالتالى فهو يمتلكون قدرات خارقة فى إطاعة الأوامر ، وبينزلوا ساعات بأوبشن زومبيز Zombies  ، ويمكن إدارتهم بسهولة بنظرية : دول أعداء الوطن يا تييييييييييييييييييييييت ، اضرب ! .

2- لو حدثت هبة شعبية مماثلة لتونس ، فلن تكون ثورة اقتصادية وسياسية وفقط ، وإنما فى مصر ستصطبغ بصبغة ( تانية خااااااااااااالص ) - والله أعلم - ، أعتقد أنها ستكون ثورة جنسية  ( راجع الحدائق العامة والمتنزهات فى الأعياد )  .

3- حوالى 20-25% من المصريين يقطنون فى أحياء شعبية وعشوائيات ، وينتشر فى أوساط هؤلاء الكثير من مظاهر وبواطن الانحرافات بشتى أنوعها ، كما أن الفقر والجهل والمرض ( طلعوا روحهم ، وأشعلوا فى صدورهم الحقد على الأغنياء ) ، وثورة هؤلاء لن يحكمها منطق أو عقل ، وعندك فى القاهرة حول كل حي من الأحياء الغنية ، حي أو أكثر من الشعبية والعشوائيات ، فإذا انعدم الأمن أو اضطرب ....... يا نهار سلب ونهب و.. راجع النقطة 2 أيضا !

4- كنت أتمنى ألا تغلق الحكومة والنظام فى وجوههنا سبل الإصلاح الهادئ السلمي ، لأنه تحت أي ظرف  هو الأفضل والأدوم والأقل كلفة ، والأعلى ثمارا ، لكن للأسف الشديد فلا حياة لمن تنادى ، ولا يدرى هؤلاء أنه كلما ضاقت سبل العقل والمنطق ، فللطيش والتهور طرق أوسع .

5- حكمة الرئيس عندنا ، تحول دون تكرار التجربة التونسية كما حدثت ... آخرنا التجربة الدانماركية . ( والجملة ديه أنا مش هوضحها أكتر من كده ، كل واحد يفهمها بمزاجه .. اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد ) .


ختاما ، تحية للشعب التونسى ، ولكل مدافع عن حقه فى كافة أرجاء الدنيا .


12‏/01‏/2011

فى كـَ،نـفِ القرآن (2) ... أن تبروهم وتقسطوا إليهم

لم أكن أنتوى أن أبدأ السلسلة بهذه الآية ، فقد كنت أؤثر أن أبدأ بآية تحتوى على أصول فى الإسلام أو قواعد حاكمة كبرى ... والمفاضلة بين آي القرآن معتبرة ، يقول تعالى : ( ماننسخ من آية أو نُـنْـسـِها نأتِ بخيرٍ منها أو مثلـِـها ) . وتجد أحدنا يتفاوت شعوره من سورة لسورة وآية لآية حسب مدى مساسها بحياته وأفكاره ومشاعره .

عامة ، ومن باب الطرق على الحديد وهو ساخن ، فقد قررت أن أفرغ مكنوناتى عن الآية 8 فى سورة الممتحنة : (( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))  .
فقد هالنى ما رأيت من ردود أفعال غريبة وكثيرة على حادث الاسكندرية المفجع ، وكعادة أمتنا فى عصر التخبط وغياب الوسطية الذى نعانى منه ، فقد جاءت أغلب هذه الردود متخذة جانب التطرف ، ولم يصِب الاعتدال إلا قليلون .

فالبعض يطالب بألا نقول مسلم ومسيحى ، فكلنا مصريون وكفى ! ، أي أنهم ببساطة يريدون تقديم الإسلام كقربان على مذبح الوحدة الوطنية ، أو على الأقل عزله عن دائرة الاهتمام والأضواء وكأنه هو المتهم الأكيد فى ما حدث ... بالتأكيد هؤلاء خلفيتهم الحقيقية عن الإسلام لاتزيد عن خلفيتى عن تاريخ جواتيمالا القديم !

وهناك آخرون يهنئون بعضهم البعض بـ ( غزوة الأسكندرية ) التى هاجمت ( وكر الأوغاد ) والتى اقتصت للأسيرتين المسلمتين كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين ( لا أدرى كيف ) !! .. وكأن الدماء التى سالت ، والأشلاء التى تطايرت هناك فى الأسكندرية لا تعود لأبرياء منذ 14 قرنا وهم فى ذمة الله والمسلمين ، وإنما لصهاينة ه ... وكأن جريرة بعض الأفراد توجب ذبح الملايين من الأبرياء ! ..... لا حول ولا قوة إلا بالله .

نعود إلى الآية الكريمة ... .

بمنتهى الصراحة ، هي من أكثر الآيات التى أفخر بوجودها فى القرآن الكريم ، إنها آية ومعجزة قائمة بذاتها تثبت بشكل قاطع أنه دين الحق والعدل و الإنصاف .

الآية تقول بشكل قاطع ومبسط : أيها المسلم .. سالم من يسالمك وإن كان كافرا بى وبرسولي طالما لم يقف حائلا ضد وصول الحق للناس وطالما لم يؤذك ..... أيها المسلم قم ببره ( وهي كل جامعة لكل معانى الخير ) واعدل معه إذا كنت تريد أن يحبك الله العادل !

قد يتساءل أحد المسلمين باندفاع ... كيف يأمرنى الله بأن أحسن معاملة من لا يؤمن بشرعه ، وأن أعدل مع من ظلم نفسه باتباع غير سبيل الله ؟؟ ... لابد من إساءة معاملته حتى يثوب إلى رشده ويعرف أن عزته فى الإسلام ، فيترك الكفر ويهرع إلى ساحة الإيمان !


بالطبع لا يخفى ما فى هذا الكلام من إسفاف وضيق أفق و قصور فهم ، وللأسف هو لسان حال البعض - ولن أقول الكثير - من المسلمين .


ألا يدرى هؤلاء أنهم أتباع نبي وصفه رب العالمين أنه ( رحمة للعالمين ) ؟ .. ألا يدرون أن من أهم دعائم هذا الدين ، الدعوة إلى الله بالتى هي أحسن ؟؟؟ ..... هذا دين شعاره ( هاتوا برهانكم ) و ( جادلهم بالتى هي أحسن ) وليس هاتوا سلاحكم ، والكسبان يبقى دينه الحق ! ... والحفاظ على أرواح مليار غير مسلم من أجل احتمال - ولو ضئيل - أن يهتدى أحدهم للإسلام ، صفقة رابحة .


بالطبع هناك متكبرين وأوغاد و زُرّاع للكراهية يتم التعامل معهم بطرق يفهمونها وتكفى العالمين من شرهم .. ( فاضربوا فوق الأعناقِ واضربوا منهم كل بنان ) .


والتعصب الأحمق للإسلام - الشبيه بالتعصب الأهوج للأندية الكروية -  دون احترام لآداب الاختلاف التى أرساها الله فيه ، لايجوز إطلاقا . هذا دين الدعوة إلى الله على بصيرة ... الإيمان الذى يجئ تحت الترهيب هباءٌ منثور ... وهل الإكراه فى الدين - والمعلوم من الدين بالضرورة حرمانيته - يعنى فقط أن أمسك السيف وأحضر المخالف فى الدين وأضعه على رقبته وأقول له : ( هتخش دينى ولا أطيرها ؟؟) !
هذا الشكل من الإكراه مضى زمنه ، وأغلب ضحاياه فى التاريخ كانوا من المسلمين الذى أكرهوا على تركِ الإسلام ، وراجع تاريخ الأندلس ومأساة الأندلسيين بعد سقوطها كمثال شجيٍّ و جليٍّ على ذلك . 


إن التضييق علي غير المسلم وكبت حريته وظلمه فى معاشه و إفقاده الانتماء إلى بلده ودفعه دفعا للهجرة منها ، هو الظلم والإكراه بعينه ، وسيقف من يشارك فيه بدور قل أو كثر موقفا صعبا أمام الله سبحانه وتعالى ، ويكون خصمه أمام محكمة العدل الإلهية العظمي هو النبي صلى الله عليه وسلم ! .... أليس هو - عليه الصلاة والسلام - القائل أن من يؤذى ذميا ، فهو خصيمه وحجيجه يوم القيامة !


هذا هو الإبداع فى التسامح يا سادة ! .. أن أتمسك بدينى أشد التمسك وأعض عليه بالنواجذ وفى نفس الوقت أكون برا وسلاما على غير المسلم المسالم ، وأدعوه إلى سبيل الله بما يرضى الله .. وحتى إن كرهته فى دخيلة نفسى ، فلا بد أن أٌقسر نفسى قسرا على ألا تترجم هذه الكراهية إلى ظلم أو إجحاف .. ( ولا يجرمنَّـكُم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا ) . فأنا لا أعدل معهم ( عشان سواد عيونهم ) ، وإنما - كدافع رئيس - من أجل رضا الله سبحانه وتعالى واتقاء لغضبه جل فى علاه .


لذا فلا أعترف بتسامح من يتخذون الدين لهوا ولعبا ، إنهم لا يعطون للدين اعتبارا ، فلم يكرهون المخالفين لهم فى الدين الذى ورثوه فى شهادة الميلاد ؟؟؟ .... أعرف أناسا لا يركعون لله ركعة فى فريضة ، ولا يحملون أنفسهم على فريضة أو فضيلة فى هذا الدين ، ومع ذلك يزعمون أنهم مسلمون متسامحون ويكرهون التعصب ؟؟!! ..... انظر لحال هؤلاء فى الأمور التى تعنيهم أكثر ( المال - السلطة - الشهرة - المصالح ... ) وانظر إلى تعاملهم مع المخالفين والمنافسين لهم فيها ، وستعلم فعلا من المتسامح الحقيقي .
وهذا الحال ينطبق على الغرب ، الذى لم يعد يعطى للدين كبير فيمة فى الحياة - وإن كان هذا بدأ بالتغير قليلا فى السنوات الماضية - ، فلا عجب أن يكون فى بلاده نوع من التسامح الدينى وعدم الإكراه فى الدين .... ولكن تأمـَّل حاله الغرب عندما يتعلق الامر بمصالح اقتصادية أو سياسية ...الخ ، فلتحترق بلدان ولتتفتت أمم وليغرق نصف العالم فى الحروب والمجاعات ، لايهم ! ، المهم المصالح .. والسياسة نجاسة ! .


الخلاصة ، لا يوجد تسامح دينى أروع من أن تتعبد إلى الله بحسن معاملة غير المسلم الذى لا يعبده حق عبادته ، طالما أنه مسالم ولا يحجب نور الحق عن الوصول إلى دياجير الكون ! .... هذا إسلامي ، فخرى واعتزازي . وفى مناخ الحب والتعايش والحوار ، ينتشر الإسلام انتشار العطر فى النسيم ( ولن أقول النار فى الهشيم مراعاة للجو النفسي ) .


لمن لا يعلم .. فحسن معاملة غير المسلمين المسالمين من المعلوم من الدين بالضرورة ، لوضوح أدلتخ فى القرآن والسنة النبوية ، وبالتالى فحاجده كافر ، والمؤمن به ولا يطبقه يرتكب كبيرة من الكبائر ! .


وكما تكلمنا عن الشق الخاص بنا كمسلمين فى هذا الموضوع ، فعلينا أن نتوجه بالكلام إلى غير المسلمين فى العالم العربي والإسلامي .. لقد تعايشنا لقرون ، وعلمنا البشرية فى الأندلس ومصر و آسيا الوسطى والهند ....وكل أقطار العالم الإسلامي ، أن هناك شكلا للتعايش بين المختلفين فى الدين غير السلب والنهب وجز الرؤوس والحملات الصليبية ومحاكم التفتيش ...الخ .


فلنواصل هذا الإبداع ، ولنضرب على يد دعاة الفتنة ، وأحذركم - تحذير الأخ الحريص - من كارثة الكوارث التى بإمكانها نسف كل تسامح و أوثق تعايش .... الاستقواء بالخارج والانجرار وراء أوهامه الخادعة بالسيطرة والانقضاض على المسلمين استغلالا لكبوتهم الحالية ورخاوة أنظمتنا الحاكمة وهلعها من كل ضغط يأتى من الخارج .




والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة .





07‏/01‏/2011

فى كـَ،نـفِ القرآن (1)

هل الشعور بالأمان النفسى يعود إلى جينات متوارثة ، أم عوامل بيئية أم مهارة يكتبها المرءُ مع طول ما بقطع من مسافات فى رحلة العمر ؟؟

لا أدرى .. أعتقد أنها كل الأسباب جميعا وأسباب أخرى ! .

ولا أدرى هل الشعور بالأمان النفسي التام نعمة أم نقمة .. أصبحت أميل للاعتقاد أنه نقمة !! .

فعدم الشعور بالأمان النفسى يعطى أحدنا طاقة هائلة لتغيير شكل واقعه ومستقبله .. لكي يشعر بالأمان النفسى .. أو يشعر بصورة منشودة فى مخيلته لهذا الأمان النفسي .

ولكن ما علاقة السفسطة السابقة باسم المقال .... فى كـَـنَـفِ القرآن ؟؟

العلاقة وثيقة للغاية .

منذ أن تفتحت عيناي على الدنيا وأنا أشعر بالقلق ، قلق مبهم لا أفهم له سببا .. نفس متوقـَّـدَّةٌ شكوكٌ قلوقٌ عجول تسكن أرجاء جسمى ! .. لاتكل ولاتمل .. تتقلب من حال إلى حال كأشد وأسرع من تقلب الليل والنهار .

منذ أن بدأتُ أتحسسها وأتعرف من خلالها على هذا الكيان البشري الذى يمثلنى ، وأنا واثق من حقيقة واحدة ..... ( فيه حاجة غلط ! )

لايمكن أن يكون هذا الوضع القلق هو الـ default ! ، لابد أن هناك خلل ما يعالجه شئ ما فأصل لإحساس كنت أنسجه فى خيالى ... الأمان التام .. الراحة .. هدوء البال ... الاتزان ..الخ .

تفتحت عيناي على كلام كثير من أهلى .. عن الدين والحياة و.. و .. و .. ، لكن كنت أنكـِـرُ كل هذا .. فكرة واحدة فقط هي التى أحسست أنها ترسَّخـَـت فى أعماقى ، وتربَّعـَـتْ على عرش يقينى ، حتى أننى شعرت أنها مطبوعة على لوح نفسى وكل ما فعله أهلى والحياة أن أزاحوا عنها بعض الأتربة التى تغشاها ، فانبعث نورها فى ثنايا نفسى ، فمنحها قبسا من السكينة كانت تحتاجه تلك النفس المتمردة والمنكرة لكل شئ حتى نفسها أحيانا ..... هذه الفكرة هي : الله سبحانه وتعالى .. وجودا ووحدانية .

رغم تعاقب السنين وتقلبات الحياة وتغيراتٍ شتى فى نفسى وحياتى شملت صغيرهما وكبيرهما ،فقد ظلت مترسخة ، بل وتطورت وتبلورت وأصبحت هي كل معنى وجودى وكيانى .

ولذا فقد أحببت القرآن حبا جما ، لأنه - ببساطة - يضم فى ثنايا آياته المعظمة .. الله سبحانه وتعالى كما ينبغى أن يكون ، وكما ينبغى أن يُعبَـد جلَّ فى علاه ! .

إنه يقدم التفسير الوحيد الذى يكسب هذه الحياة الخرقاء معناها ! ، ولذا فعندما يفيض بي الذعر و تعصف بي الحياة وتتلاطم أمواج الفكر فى عقلى المسكين ، فإنى أهرع إلى أحضان القرآن لأبث إلى الله همي فيبث إليّ ما يعيننى على الصبر والتصابر وما يقنعنى بجدوى البقاء فى هذه الدنيا التى شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعلها لجنة امتحان الخلود الأخروي ! .

إلا أننى قد اكتشفت أننا نرتكب جرائم كبرى فى حق أنفسنا فى تعاملنا مع القرآن ، فأغلبنا محروم من نعمة التدبر فى آي هذا الكتاب الذى لا تنقضى عجائبه ، ومصابون بأنيميا نقص الإيمان الحادة نتيجة ضآلة الجرعة اليومية - إن وجدت - من زاد القرآن المٌشبـِـعْ .

وتجد الكثيرين منا لا يعرفونه إلا فى المناسبات - رمضان - ، إذ ينقضون على المصاحف بعد التنقيب عنها تحت تلال الأتربة فى المكتبة لكي يبدأوا فى سباق العدو السريع مسافة جزء واحد ، وفى أقل من 10 دقائق تكون المهمة قد أنجزت ، ودخل أحدنا إلى عالم القرآن وخرج دونما أدنى فائدة سوى تخدير ضميره بإيهامه أن قد قرأ جزءا كاملا ...... راح البحر ورجع عطشان ! .

ورغم أن أذناي تفتحت على سماع القرآن الكريم ، وأن حفظه كان من بواكير أنشطة حياتى ، إلا أننى أشعر الآن كأننى لم أقرأه من قبل !
فمع زيادة جانب التدبر فى حصتى القرآنية ، تفجرت أمامي ينابيع لاتنضب من معانيه الجليلة والتى نهضت بنفسى الكليلة إلى مراتب أسمى من مراتب رغبات الطين .

ولذا فقد قررت أن أشارككم ببعض هذه التأملات البسيطة - اللى على قدى - فى بعض آي الذكر الحكيم ، عسى الله أن ينفعنى وإياكم ببركة كتابه الكريم .

وسبب تسمية الموضوع بهذا الاسم ( فى كنف القرآن ) للتعبير عن شعور الضم والاحتواء الذى يغمرنى عندما أهرع من قسوة حياتى وغلظة أفكارى إلى أحضان القرآن ودفء معناه وروعة مبناه .

يكفينى أنه مهما جـَـدَّ فى حياتى من مرارات ، فسيظل إلى جواري بإذن الله ، لأحيا فى كنفه وأرتوى من معينه وأتنسم من عبيره معنى الوجود ، ولن أكون أبدا - بإذن الله - كالشاعر الذى تفرق عنه أحبابه فقال :

ذهب الذين يُعاشُ فى أكنافهم ــــــــ وبقيت فى خـَـلـَـفٍ كجلد الأجرب ِ !

كان ما سبق مقدمة صغيرة وفى كل مرة قادمة بإذن الله ، سأفرغ ما فى جعبتى من تأملات بسيطة عن آية من آيات القرآن النورانية .

لا تنسوا القرآن يا أمة القرآن .





02‏/01‏/2011

كإن ما فيكي ... مش مكفيكي !!!

آه يا مصر ! ..... ألا يوجد سقف للغرائب الكارثية التى تحدث فيكِ ؟!!

لماذا تفاجئنا الأيام فيكِ بكل عجيب وفريد ومفاجئ وصادم وقاتل ؟؟

ألم يكفِنا إثارةً لاستغراب الدنيا كلها أن تحدث فيكِ - يابلد النيل ومصدر شحنة القمح السعيدة التى تجوع روما بدونها – أزمة فى رغيف العيش ، أبسط الاحتياجات الإنسانية بعد دخول الحمـّام ! ....


ألا يكفيك فى التميز فى المضحكات المبكيات أن فى أرضك حزبٌ تنافس 2 من مرشحيه على نفس المقعد وأجـّرا لبعضهما البعض البلطجية وزوَرا ضد بعضهما واتهم كل منهما الآخر بأبشع الاتهامات ؟؟؟


لكن هذه المرة فالحدث من المبكيات المبكيات ، ومن الفواجع التى ترسل إلى الجميع صفارة إنذار مدوية تصيح : أيها السادة المقيمين بمصر .. انتبهوا .. هذا ليس آخر قاع تغوصون إليه ، ما زال معنا الجديد والعميييييييييييق .. تابعونا .


أولا لا يفوتنى تقديم العزاء الواجب فى ضحايا انفجار الأسكندرية الآثم ، وكذلك أقدم العزاء إلى كل محب لمصر وللأمة العربية والإسلامية فى هذا المصاب الجديد الفادح فى مصرنا الحبيبة .


وكعادتى فى كثير من الآلام التى تعترى مصر والتى بدورها تنعكس على نفسيتى المتخنة بالجراح ، والمتخمة بالآلام كإصبع باذنجان محشو بالأرز حتى آخره ، فأنا ألجأ إلى قلمي ( أو كيبوردى على وجه الدقة ) من أجل التنفيس على النفسية ! .


ولكنى سأجعل هذا التنفيس على هيئة نقاط وأسئلة قصيرة ، ليكون تنفيسا ممنهجا ومنظما ، فالصراخ الفكرى وعجين الشجن لا يفيدان بتاتا .


1/ شعوري عندما سمعت بما حدث :

أسى وحزن وطوفان من اليأس من مصر يريد أن يغمر روحي و يكاد يفتـِّـتْ سدود تفاؤلى المتهالكة تحت ضرباته المتلاحقة والمتسارعة والمتصاعدة القوة .

2/ أول ما نطقت عندما علمت بالخبر المشئوم :

لاحول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل .

3/ هل فوجئت بالحدث ؟؟

بالتأكيد ، ولكن لحظيا ، ثم ذكرت نفسى بأننا فى مصر بلد العجايب .

4/ من أتهم بشكل أساسي فى هذا الحادث المشئوم : والله أعلى و أعلم .


متهمون مباشرون : الموساد/ اسرائيل المستفيد الأكبر من أي ( لـَـبـَـش ) يحدث فى العالم العربي والإسلامي خاصة مصر ، وبالأخص جدا عندما يكون وقودا لتوترات طائفية وفتن .

خلايا تكفيرية متشددة صغيرة توجد فى مصر/ بقايا من موجة التكفير والتفجير والتى اشتد أوراها فى التسعينات ، ونجحت القبضة الأمنية فى كسر شوكتها لك لم تقـْـضِ عليها نهائيا ، وهؤلاء يكرهون المسلمون ويكفرون الكثير منهم ، فلا تستعجب من موقفهم من غير المسلمين !

مسيحيون متعصبون جدا مدعومون من أطراف قبطية متعصبة فى الداخل وفى أقباط المهجر وجهات خارجية أخري / لاتخاذها مبررا للمزيد من الضغوطات على النظام المصري للإذعان لطلباتهم ولكسب ود وتعاطف العالم وإيهامه أن هناك حرب إبادة جماعية تستهدف المسيحيين فى مصر ، وهذا يزيد من التدخلات الأجنبية الداعمة لأحلام هؤلاء المريضة فى إقامة دولة لهم بمصر وتحريرها من حكم العرب البرابرة ( الضيوف التقال ) وإعادتهم إلى جزيرة العرب ...الخ هذه الترهات . وأيضا لدفع النظام المصري للقيام بالمزيد من التضييق على الكيانات الإسلامية فى مصر لأن هؤلاء المتعصبون يخشون من أية قوة للإسلام فى مصر .

تقول ولماذا يقتلون المسيحيين لهذا الهدف .. ببساطة من يتحللون من القيم الأخلاقية ويتصفون بالتعصب الذميم ، يمتلكون القدرة على تبرير أفعالهم الوحشية بفجاجة ، قد يقول لسان باطنهم : هؤلاء الضحايا هم شهداء فى سبيل تحرير الأمة القبطية !!!!! والآمال العظيمة لابد لها من قرابين عظيمة تقدم على مذبح الحرية والنضال !!!!!! ..الخ هذا الهراء و( الأفشخانات ) والكلام الكبير !


متهمون غير مباشرون : النظام المصري الحاكم المترهل / والذى تواصل سياساته الفاسدة والخاطئة فى الانهيار بأوضاع مصر داخليا وخارجيا على كافة المستويات ، والذى بدأ ( عيار البلد يفلت من ايده ) ، وأفقد الشعب المصري روحه وقضيته وكيانه وهويته .

( بيَّعنى أرضى ومفهومي .. قلـَّـعْنى فكرى وهدومى .. مخى اتقفل فيلم على كليب .. ولما يفتح يشرب كدب .. أنا أصلى أهبل من يومى !! ) من أغنية الشعب الأنتوخ لفريق بساطة الغنائي .

التدين ( المضروب ) / المنتشر فى مصر للأسف الشديد ، والذى يدفع أحدهم – على سبيل المثال - للاعتقاد أن سيدخل الجنة ( حدف ) مع أنه لا يحافظ حتى على الصلاة فى وقتها ، لمجرد أنه يكره المسحيين ويتمنى لهم الشر ويريد أن يفتك بهم وبـ ( اللى خلفوهم ) .

صاحب قنبلة الضيوف ومن على شاكلته / يتحمل هذا الشخص خصيصا جانب كبير من المسئولية غير المباشرة ، فقد تسبب تصريحه الذى وصف فيه مسلمي مصر فى حوار مع صحيفة كبري بالضيوف ، فى المزيد من الشحن الطائفي فى مصر .. أثر هذا التصريح الأهوج ببساطة : أيها المسيحيون هؤلاء ضيوف ثقلاء فلنقل لهم : اتفضلوا من غير مطرود أو بمطرود أو بالجذمة القديمة .

أيها المسلمون : إنهم يصفوننا بالضيوف ويأتمرون بنا ليقتلونا ، فلـ ( نتغدى ) بهم قبل ما ( يتعشوا ) بنا ! .


5/ أكثر ما استفزنى بخصوص هذا الموضوع :

1- أحدهم عندما حدثته بالخبر فرد بشغف وتأثر شديد : يا نهار اسوح .. طب فيه مسلمين كتير ماتوا ؟؟!!!!!!!!!!!!! ، فلما كظمت غيظى وأخبرته أن أغلب الضحايا مسيحيون ، تنهد تنهيدة راحة كأن إزهاق أكثر من 20 روحا حرَّمها الله بغير وجه حق لا يكفى لكي يغضب ( بسلامته ) ويتأثر ، فلما أوضحت له هذه الفكرة قال ببرود أكثر فجاجة : ممكن برضه !! ... ممكن ؟!!!!!!! .. إنا لله وإنا إليه راجعون .

2- آخر كان همه التقليل من عدد الخسائر .. ياعم دول بيأفوروا ( مشتقة من مادة over ) تلاقى 1 ولا 2 ماتوا وهما بيقولوا 21 عشان يصعبوا ع الدنيا !!!

.. عزيزى ..... سأفترض جدلا وخطأ واستعباطا أنك على حق ! ، لكن لا تنسَ أن نفس واحدة فقط تقتل بغير نفس أو فساد فى الأرض تعنى قتل الناس جميعا ، وكفانا استهزاء بقيمة الدم المصري والعربي والمسلم ! .... لقد اعتدنا اختزال هذه الدماء المسالة فى أرقام جوفاء ، كأنها لم تكن أنفسا تحيا وتتنفس الوجود حتى بغى عليها الآثمون .


6/ تعليق أخير :

ربنا يستر على مصر والأمة العربية و الإسلامية كلها ... إغراق مصر حتى الثمالة فى مستنقعات الفتنة الداخلية خطوة أساسية فى تحييدها ريثما تتواصل خطط التآمر على الأمة كلها .


7/ كيف نتجنب تكرار هذا ؟؟

للأسف سيتكرر- والله أعلم – لكن باختصار شديد :

أولا : تدين سليم فى الطرفين يشجع على التعايش ويضرب على أيدى المتعصبين والمتزمتين .

ثانيا : ترسيخ فكرة أن حسن معاملة غير المسلمين المسالمين هو من طرق التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فهو الذى لم ينهـَنا عن الذين لم يقاتلونا فى الدين ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرَّهـُم ونقسطَ إليهم ، فهو يحب المقسطين ، وهذا أراه أقوى تمكين لفكرة التسامح بين الأديان بربطها برضا الله سبحانه وتعالى .

ثالثا : تفعيل دور الأزهر كجامعة إسلامية كبرى تنشر الإسلام الوسطي المتسامح وتساهم فى القضاء على دعاة التعصب والإرهاب الفكرى والدينى .

رابعا : فتح الحريات وتفكيك الكبت السياسي والاجتماعي ، وحل المشكلات الاقتصادية التى تعصف بمصر .

خامسا : تنمية مصر والنهوض بها فى كافة المجالات ، وعودة مشروع قومي جامع للشعب المصري مثل إعداد مصر فى كافة النواحي لمواجهة اسرائيل - عدوة الماضى والحاضر والمستقبل - فيكون هذا المشروع الوقود لنهضتها ورباط وحدتها .

سادسا : المزيد من تركيز الجهات الأمنية فيها على الأخطار والمؤمرات الخارجية بدلا من الانشغال بالتعرف على ألوان الملابس الداخلية للمعارضين السياسيين !

سابعا : كفايه كده أنا زهقت من الكلام .

وختاما لا أجد تلخيصا لكل ما سبق أبلغ من جملة : ربنا يستر !! .