30‏/07‏/2011

مليونية 29/ 7 ....... 10 و 10





وفقنى الله أن أعود لميدان التحرير فى جمعة 29/ 7 بعد غياب عن الميدان فاق الـ 3 أشهر ، و بمجرد الصعود من سلم الخروج من محطة مترو التحرير وجدت نفسى و من معى فى عجينة كيك بشرية هائلة فى فرن ضخم شديد الحرارة ! .


و اختصارا للوقت و بدلا من المقدمات المصطنعة عديمة الجدوي ، سأدخل مباشرة إلى الموضوع ، و سألخص إيجابيات اليوم - من وجهة نظري كمنتسب للتيار الإسلامي - فى 10 نقاط ، وسلبياته فى 10 نقاط أيضا .


أولا : الإيجابيات :

1- تحقق أهداف نزولي الميدان بنسبة كبيرة و لله الحمد : فقد نزلت الميدان للمشاركة فى أول جمعة تنفرد بالدعوة إليها من البداية القوي الإسلامية وحدها و الهدف الأساسي هو الرفض للمبادئ فوق الدستورية التى يريد البعض وضعها و جعلها إلزامية للجنة المائة المنتخبة من البرلمان المنتخب لوضع الدستور وفقا لنتيجة الاستفتاء و الإعلان الدستوري الذى بني عليها . و هذا للحفاظ على احترام إرادة الأمة التى يعتبر التأكيد عليها من أهم أهداف ومكاسب الثورة .
و أهداف أخري للمليونية مثل التأكيد على هوية مصر الإسلامية و الدعوة إلى استكمال تحقيق باقى أهداف الثورة فى تطهير المؤسسات المصرية من الفاسدين و الفلول ، و التأكيد على محاكمة الفاسدين من أكبر راس إلى أصغرها.
و أيضا من أهداف هذه المليونية التأكيد على قوة التيارات الإسلامية فى الشارع المصري و قدرتها على الحشد ، وضرورة عدم إغفال رأيها فى تقرير مصائر البلاد و الاكتفاء بالاستماع إلى من يملكون الصوت العالي و الجعجعة فى الإعلام و محاولة إرضائهم على حساب جانب كبير من الطيف المصري .
و أيضا من الأهداف التى أراها تحققت بشكل ممتاز - و كان هدفا ضروريا بعد أحداث العباسية الأخيرة و موجة التصعيد المبالغ فيه ضد المجلس العسكري خاصة من المعتصمين فى التحرير -  ، هو تأكيد الإسلاميين على أنهم الأكثر اتزانا فى التعامل مع المجلس العسكري ، إذ ينتقدون بعض تصرفاته ز سياساته و يضغطون عليه لتحقيق أهداف مصر و أهدافهم ، ومع ذلك فهو يحترمونه و يقدرون موقفه من الثورة و يدعون للحفاظ عليه و على تماسك الجيش المصري لحين تسليمهم السلطة للقيادة المدنية المنتخبة بشكل نزيه بإذن الله .






2- كانت مليونية بالفعل ! ... و قد فوجئت بهذا الحشد الكبير جدا خاصة من التيارات السلفية التى لم أكن أتصور أن تقدر  عليه لغياب قيادة موحدة أو شكل تنظيمي واحد لها - كان لهذا سلبيات بالطبع ظهرت فى الميدان ، لكن لهذا حديث آخر - .


3- السلمية التامة : لم تحدث مجازر مروعة ، أو حرب أهلية إسلامية - ليبرالية  ... الخ هذه السيناريوهات المخيفة التى حذَّر منها البعض ، و لم أرَ حتى تشابكا بالأيدي أو احتدام فى النقاش - قد يكون الأخير قد حدث ، لكنى لم أرَ بعينى أيا من هذا - وهذا إنجاز كبير فى ظل حقيقة أن التيارات السلفية التى كان لها السيادة العددية فى الميدان ، الأغلبية العظمي منها تنزل إلى الميدان للمرة الأولي ، و أنها عبارة عن مئات التنظيمات السلفية المحلية من مختلف أنحاء مصر ( مساجد كبيرة و صغيرة - مدارس شرعية - جمعيات أهلية .. الخ ) ..... يبدو أن شعبنا يمتلك مخزونا حضاريا كبيرا بالفعل ، ولابد من استغلاله بالشكل الأقصى و الأكمل .

4- انضمام شريحة مصرية جديدة إلى ميدان تحرير مصر :
و هي شريحة التيارات السلفية ، و التى وإن كان قلة منها قد شارك بالفعل فى أحداث الثورة منذ البداية ، لكنها لم تكن بالمشاركة الواسعة التى تليق بحجم هذه التيارات و بالفكرة الإسلامية التى تبنى عليها مشروعها ، فأهلا وسهلا بهم و بروحهم و حماستهم العالية فى أول مشاركة موسـَّــعة ضخمة فى ميدان التحرير ، و أراها إضافة عظيمة للميدان و بالتأكيد لهم .



5- المنصة الرئيسية :  سمحت المنصة للجميع بالتعبير عن آرائهم من خلالها ، و لم يحتكرها فكرٌ معين ، و كان عليها " ساوند سيستم " جبار ! ، مكـَّــننى من الاستماع لها بوضوح فى الفترة التى قضيتها فى أعلى برج القاهرة ! .. أعتقد أنها كانت تحت إدارة الإخوان أو هم من أنشأوها ( التمويل الإيراني و الحمساوي عامل أحلى شغل معاهم .. هع هع هع ) .



6- جمعة جديدة للتأكيد على استمرارية الثورة :  أنا بالأساس مع استمرار التظاهر كل جمعة و فى المناسبات الهامة فى التحرير ، و ذلك على الأقل لحين إتمام نقل السلطة للقيادة المدنية المنتخبة بإذن الله تأكيدا ليقظة الشارع المصري .


7- برج القاهرة ! : ( أول مرة أطلعه فى حياتى .. هيييييييييييييه )
فى حدود الساعة الـ 12 و نصف ظهرا غادرت الميدان بسبب شدة الزحام و الحر ( مع ضيقى من بعض التصرفات داخل الميدان ) ، و توجهت و من معى لارتقاء برج القاهرة و مشاهدة الميدان من أعلى ، و كان المشهد رائعا للغاية من أعلى .
ما أثار استغرابي أن حجم ميدان التحرير من أعلى البرج مقارنة بحجم القاهرة الكبري التى تبدو كلها على امتداد البصر ، يكاد يكون قطرة فى بحر ! .. سبحان من جعل من هذه القطرة أول غيث مصر ! .

8 و 9 - الإخوان :
كان دورهم فى الميدان فى قمة الاتزان ، إذ التزموا بما اتفقوا عليه من القوى الأخري بعدم رفع شعارات خلافية ، و لم يرفعوا إلا القليل جدا من اللافتات الخاصة بهم أو التى تحمل شعارهم أو شعار حزب الحرية والعدالة .

أعتقد أن دورهم كان مهما جدا فى تلطيف أجواء الميدان و إخراج اليوم بأفضل صورة ممكنة فى ظل الحماسة الزائدة من التيارات السلفية التى كانت تمثل غالبية الحضور فى الميدان .


10- دمج السلفيين فى الحياة السياسية أكثر فأكثر : سيمثل هذا اليوم خبرة جديدة مضافة فى مسار فهم السيسة لدى التيارات السلفية التى يعتبر أغلب المنتسبين لها فى كي جي 1 سياسة ، و سيتعلمون منه الكثير بإذن الله و يتعرفون على أخطاء و يقومون بتصحيحها بإذن الله .
و شئ جميل أن ترى التيارات السلفية التى كانت ضد الديموقراطية أو متوجسة منها أو مترددة بشأنها ، تدافع الآن بقوة عنها و عن و إرادة الأمة و رأيها بعد أن شاع لديهم فى السابق أن غالبية الناس عوام لا يؤخذ برأيهم .. الخ .
أدرى بأن نتيجة الاستفتاء التى جاءت كما يريدون كان لها دور مهم فى هذا ، لكن عندى ثقة أنه إذا جاءت أية ممارسة ديموقراطية قادمة بغير ما يريدون و كانت نزيهة و شفافة و عادلة ، فإنهم سيقبلون بها .




ثانيا : السلبيات :
1- قلة النظام و لو نسبيا :
مما أدى إلى تدافعات شديدة و اختناقات كثيرة فى الميدان ،  و قد يكون السببب الحشود الهائلة ، لكن أرى السبب الرئيسي - و الله أعلم - هو كون أغلب المتواجدين فى الميدان ينضمون إليه لأول مرة بهذا الحجم من الحشود .


2- البانرات و اللوحات المعلقة : كان كثير منها سطحيا جدا أو مجرد شعارات عامة أو اتهامات بالجملة أو لافتات إقصائية و لو لفظا فقط


مثال : " المبادئ فوق الدستورية هي أجندات خارجية ! " ... لا مشكلة عندى فى رفض المبادئ الدستورية و اعتبارها مخالفة لإرادة الأمة أو محاولة للالتفاف على نتيجة الاستفتاء .. الخ ، لكن تخوين كل المطالبين بها لا يصح .. بجانب أن موضوع الأجندات أصبح مبتذلا للغاية .


" لماذا لا تريدون الإسلام ؟! .. لا لليبرالية " .. قد يكون قلة من المعارضين للتيار الإسلامي يرفضون الإسلام نفسه ، وقد ينفى بعضهم هذا علنا و يضمره سرا ، لكن الغالبية منهم ليسوا كذلك ، خاصة من عامة المصريين الذين يحبون الإسلام .. نعم نحن نرى أن مجرد الحب و العبادات لا يكفى ، وأننا نريد الإسلام الشامل فى كافة جوانب الحياة ، لكن فلنعبر عن فكرتنا بالتلطف و كسب ود الجميع .. هذا الأسلوب الهجومي يخالف ما نريد .


" المصريون يريدون أن يحكمهم الله " .. لن يحكمنا الله أبدا ! ، فى أحسن الاحوال سيحكمنا بشر يحرصون على تطبيق شرع الله حرصا شديدا ، وهؤلاء البشر يصيبون و يخطئون و يقوَّمون .. فالادعاء أن وصول الإسلاميين للسلطة سيجعل الله سبحانه وتعالى يحكمنا هو نوع من التدليس .  (و إن كنت أميل إلى أن هذا البانر سوء تعبير عن فكرة الالتزام بثوابت الإسلام وليس المقصود بالطبع أن رافعيه يريدون الحكم بالحق الإلهي )










( كانت أكثر البانرات اتزانا و أقل فى إثارة انتقاداتى فى الجانب السلفي  هي الخاصة بحزب النور السلفي ، مما يؤكد لي أن نزول السلفيين إلى العمل السياسي كان و سيكون إضافة ممتازة لهم و لمشروعهم الإسلامي لمصر ) .


3- الهتافات : كان بعضها جميلا ، لكن البعض الآخر كان لي عليه الكثير من الملحوظات .


مثال : " ارفع راسك فوق انت مسلم " .. كان هذا من الشعارات الرئيسية للتيارات السلفية فى الميدان .. لا مشكلة عندى فى أن نعتز بكوننا مسلمين ، لكن كنت أتمنى أن يتبعه هتاف الثورة الشهير " ارفع راسك فوق انت مصري " ، وذلك لإثبات أنه لا تعارض بين حب الوطن و بين الإسلام ، و كذلك لطمأنة غير المسلمين أنه لا نية لإقصائهم .


" الشعب يريد تطبيق شرع الله " ... بالطبع يجمع جميع المسلمين على هذا ، ولا مشكلة فى التأكيد على هذا المعنى ، لكن كان هناك مبالغة شديدة فى تكرار  هذا  العشار لم يكن هناك من داع ٍ لها ، و تعطي انطباعا أننا كإسلاميين سطحيون ، خصوصا أن هذا الشعار عام للغاية ، و ما نحتاجه الآن بالفعل هو الانتقال من مجرد الشعارات إلى البرامج التفصيلية و كيفيات التطبيق .
فى مصر حتى الآن 9 أحزاب إسلامية و يزيدون ، لو اكتفى كل منها بشعارات عامة مثل " الإسلام هو الحل " أو " تطبيق الشريعة هو الحل " ، فلن نستفيد شيئا أبدا ، أنا أريد أن أرى رؤية كل تيار و حزب للحل ، او على الأقل مبادئ و أساسيات رؤيته للحل .


ليس عندى اعتراض على أن معظم الهتافات كانت إسلامية ، فهذا لا يخالف الدستور الحالي الذى تقر المادة الثانية فيه إسلامية الدولة ، و أيضا أعلن الأستاذ عصام سلطان ناائب رئيس حزب الوسط الذى قام بمبادرة تلطيف الأجواء قبل المليونية أنه لم يتم الاتفاق النهائي على منع الشعارات الإسلامية أو تخلى الإسلاميين عن أهدافهم الأساسية منها ، إنما كان الاتفاق على لم الشمل قدر المستطاع و على حدوث احتكاكات  ( بعض التيارات الإسلامية توافقت على الاكتفاء برفع الشعارات الوطنية العامة فقط و شعارات التأكيد على هوية الأمة و رفض المبادئ فوق الدستورية ، وقد التزموا بهذا مثل الإخوان و الوسط .. ) .. لكن كان اعتراضى على العمومية التامة للشعارات .


4- هوية مصر الإسلامية : كان هذا من أهم أسباب المليونية ، وهو التأكيد على هوية مصر الإسلامية و الاعتزاز بها ، و قد نجحت المليونية فى إبراز هذا ، لكن كان هناك تركيز شديد على هذا الموضوع مقارنة بباقى أهداف المليونية ، فقد حاز مثلا على ثلاثة أرباع الجهد ، فى حين انصرف الباقى إلى التأكيد على باقى مطالب الثورة مثل المحاكمات و التطهير و الإصلاح و استكمال التحول الديموقراطي .. الخ .
كنت أتمنى مزج كل هذا معا ، فتكون الشعارات فى الميدان عن أن جزءا لا يتجزأ من هوية مصر الإسلامية أن تستكمل الثورة أهدافها ، وأن تتحقق العدالة الاجتماعية ، وأن يتم القصاص من القتلة و الفاسدين ، و أن يكتمل التخلص من النظام الفاسد السابقو  وذيوله .. الخ .
كان بعض الجهد فى الميدان منصرف إلى هذا ، لكن كنت أريد أن يكون هذا رسالة الميدان الرئيسية .


5- موتوا بغيظكم : ليس من أخلاقنا أن يغتر بعضنا بكثرة الحشود و يخرجون ألسنتهم للمخالفين و يقولون لهم " موتوا بغيظكم " ، أعتقد أن هذا يتناقض مع أحد ثوابت الإسلام و الدعوة الإسلامية بالحكمة و الموعظة الحسنة .
من حقنا أن نبرز قوتنا خاصة و قد أغفلها البعض و حاول وضعنا على الهامش ، لكن لابد من ضبط أنفسنا و ردود أفعالنا و إخضاعها لمقاصد شرعنا الحنيف .


6- " تـَـجـَـلـْـبــُــب الميدان " ! :  الجلباب الأبيض زي رائع و مريح بلاشك خاصة فى الصلاة ، و لا أملك الاعتراض عليه أو السخرية ممن يرتديه ، لكننا نعلم جميعا أن الأزياء بنت العصر و المكان ، و لبس الجلباب الأبيض فى الأماكن العامة ليس من عادات و تقاليد الشعب المصري ، و قد ارتدى النبي عليه الصلاة والسلام الأزياء التى كانت موجودة فى بيئته ، فلم نتميز عن شعبنا ؟؟ هل القميص و البنطلون حرام مثلا ؟؟؟ .. نحن لسنا فى قندهار أو إسلام آباد .. الخ ، هناك الجلباب عرفا هو الزي الرسمي حتى فى بعض الدوائر الحكومية .
لقد كان نصف المتواجدين فى الميدان على الأقل يرتدون الجلباب الأبيض ، و هذا من الناحية الشكلية - فى رأيى - كان خلاف الأوْلى ، فقد أظهرنا كإسلاميين كأننا منعزلون عن باقى الشعب المصري و نحاول أن نتمايز عنه ، كما أضفى مسحة من الدروشة لا نريدها علينا .
لقد سعدت ليلة الجمعة عندما رأيت الصفحات السلفية على الفيسبوك تركز على الاهتمام بالمظهر لنبدو أمام المصورين و وسائل الإعلام بشكل يليق بدعوتنا و بمصر بعد الثورة ، لكن أحزننى أن رأيت الكثير مما يخالف المظهر الحسن فى الميدان و الشكل المهلهل الذى بدا عليه الكثير منا .... الله جميل يحب الجمال .


7-الحماسة الزائدة : لا مشكلة فى التحمس الكبير الذى ظهرت عليه بالأخص التيارات السلفية ، لكن الحماسة زادت عن الحد قليلا و صوَّرت للبعض كأننا مقبلون على حرب ! .
أعرف أنه كان هناك الكثير من الاستفزازات لنا كإسلاميين و استهداف غريب فى كثير من وسائل الأعلام ، مما ولـَّد لدينا حنقا شديدا ترجم إلى حماسة كبيرة فى الميدان ، لكن أحب دائما أن نتزن للغاية و أن نحكم انفعالاتنا  لنكون مثلا يليق بجلال الفكرة التى نسعى لخدمتها و تطبيقها .


كذلك كان علي التيارات السلفية بالأخص أن تنتبه لنقطة أن هناك عتاب شديد عليها لموقف أغلبها المتردد أثناء الثورة أو المعارض لها ، و أن هذا سيحدث حساسية تجاههم بعضها مفهوم ، و اعتقاد لدى البعض أنهم يركبون موجة ثورة لم يشاركوا فيها بالقدر الذى يبرر حماستهم الزائدة فى تحقيق أهدافهم من خلالها .

8- انسحاب الكثير من غير الإسلاميين من الميدان :  أعرف أن الكثير منهم صدمه المشهد ، و لم يكونوا يتصورون أن يتمكن الإسلاميون من هذا الحشد الكبير ، و بعضهم فهم - أو أراد أن يفهم - من الاجتماعات التى سبقت المليونية بيوم و يومين أن الإسلاميين قد تنازلوا عن أهدافهم من المليونية وأنهم لن يرفعوا شعاراتهم الإسلامية ، لكن هذا لا يبرر فى رأي النسحاب من الميدان .

لقد كانت أمامهم فرصة عظيمة للتحاور مع التيار السلفى الذى يعتبر مجهولا لدى أكثرهم ، و محاولة فهم ما يريد هذا التيار وسبب خلافهم الشديد معه ، وكان هذا التفاهم سيصب فى مصلحتهم لا شك ، بدلا من اكتفائهم باستخدام الفزاعة السلفية و التخويف من الخطر السلفى القادم من العصور الوسطي .. الخ هذه العناوين التى تستفز السلفيين و قسم كبير من عامة المصريين الذى يحبونهم أو يحبون فكرتهم و إن اختلفوا معهم فى التطبيقات والرؤي .
لذلك أحيى من بقى فى الميدان من غير الإسلاميين ، ولم يخـَــف من أهل بلده و إن اختلف معهم تماما .


9 و 10 - المناحة الإعلامية المنتظرة : و التى ستصب مزيدا من الزيت فى النار و تقلل أكثر فأكثر من محاولة زيادة المشتركات بين كافة التيارات فى مصر ، و قد بدأت المناحة بالفعل ، ويحاول بعض الإعلاميين المناهضين للإسلاميين إظهار الأمر و كأن الإسلاميين قد غدروا بنا و خالفوا الاتفاقات و حولوا المليونية لحسابهم ! ، مع أن المليونية أساسا منذ أكثر من أسبوعين كان بدعوة من الإسلاميين من أجل أهداف خاصة بهم يرونها تتفق مع إرادة الأمة المصرية مثل رفض المبادئ فوق الدستورية ، والتأكيد على هوية مصر الإسلامية ... الخ ، و موضوع لم الشمل هذا أضيف فى الأيام الأخيرة كمبادرة لتلطيف الأجواء ، لكن أغلب الإسلاميين لم يقولوا أبدا أنهم قد تخلوا عن أهدافهم الأساسية من المليونية و الاكتفاء بالأهداف المشتركة مع غير الإسلاميين ، فلم استخدام موضوع لم الشمل كمحاولة لاتهام الإسلاميين بالغش و التدليس ؟؟


ثم لماذا يصيح البعض بأن الإسلاميين يحشدون لأهدافهم الخاصة ، و يقولون بأنهم هكذا تخلوا عن الثورة ! ، أين كان هؤلاء ممن فرقونا لثلاثة أشهر من أجل دعوة الدستور أولا ، و كانوا أول من حشد من أجلها و دعا للنزول للتحرير و هي هدف خاص بهم  يخالف رأي الأمة الذى قالته فى الاستفتاء ، وكان هذا فى ما سمي بجمعة الغضب الثانية منذ أكثر من شهرين ؟؟؟؟


أ حرامٌ على بلابــِــلـِـــه الدوح ؟؟ .... حلال ٌ للطير ِ من كل جنس ِ !
كذلك محاولة البعض إقصاء السلفيين لأنهم لم يشاركوا بقوة أثناء الثورة لا تجوز ، فالثورة قامت من أجل المصريين جميعا ، وليس من حق تنصيب نفسه وصيا على الثورة و مكاسبها ، لأن هذا يتعارض مع مبادئها النبيلة .


الخلاصة : كإسلاميين حققنا الكثير من أهدافنا ، و أظهرنا جماهيرية تيارنا ، لكن كان بإمكاننا إخراج الأمر بشكل أفضل كثيرا مما خرج به ، إذ قمنا بالكثير من الأخطاء الصغيرة التى شوهت بعض جمال هذا اليوم ، فعسانا نتعلم بإذن الله و لا نكررها .


و الله الموفــِّــق و المستعان .

27‏/07‏/2011

لييييييييييييييه مليونية 29 - 7 ؟؟؟



فى البداية ، ادعولى إنى أقدر إن شاء الله أروح التحرير الجمعة الجاية وما تروحش عليا نومة كالعادة !

توضيح قبل الدخول فى الموضوع ... من عادتى أنى أحب الكتابة باللغة العربية الفصحي ، وهي عندي فى المقدمة عقلا وقلبا ، لكن عندما أكون فى قمة التحمس فأجدنى أجنح للكتابة بالعامية - أو خليط من الاتنين ! -  التى أطبق معها شعار :

إن من هونِ الدنيا على الفتي أن يرى .... عدوَّا له ما من صداقته بــُــد !

يعنى بالبلدي فى الوضع الحالي ، مفيش مهرب دائم من العامية ! ... اهئ اهئ .

والآن .. ندلف إلــ .... احم احم .... نخش فى الموضوع .

كالعادة 10 نقاط عشان الإنجاز و السيطرة و التركيز بإذن الله ، هوضح فيها أسباب تحمسي الشديد لهذه المليونية تحديدا و التى ستشهد - غالبا بإذن الله - عودتى للتحرير بعد غياب أكثر من 3 أو 4 أشهر .... الله ينتقــ ...... يسامح اللى كان السبب .



1- تتميز هذه الجمعة تحديدا بأنها أول مرة تشهد هذا الحشد الضخم من التيار السلفي للتظاهر فى التحرير ، و رغم مشاركة بعض مشايخ السلفية كالشيخ محمد عبد المقصود و غيره من أول أيام الثورة فى المليونيات وغيرها ، إلا أن قطاعات كبيرة من هذا التيار الهام فى الشارع المصري لسبب أو لآخر لم تقـُم بعملية حشد مماثلة من قبل ، فأهلا وسهلا بهم فى أهم ميادين تاريخنا الحديث .. إضافة هامة جدا لهم و لنا ..... من الآخر أنا عايز يومها إن شاء الله  أحس إننا فى غابات من الأشواك الاستوائية بسبب كترة اللحي فى الميدان !! .. فاهمين يا سلفيين ؟!



2-  خرج علينا البعض من فترة بـ " بدعة " - الكلام عن السلفيين بيؤثر فى الأسلوب برضه ! -  اسمها " المبادئ فوق الدستورية " ، و رغم أنه من المفترض إن من بديهيات الديموقراطية أن الأمة مصدر السلطات و أن رأيها - خاصة الذى يقاس بانتخابات نزيهة ديموقراطية - فوق رأي أية فئة أو جماعة ، لكن البعض يريدون وضع بعض المبادئ بالتوافق بين بعض القوى السياسية - و لو كلها - لتقييد لجنة الدستور اللى هينتخبها البرلمان المنتخب من الشعب بإذن الله ! ، وطبعا المبررات النخبوية المتعالية المعتادة من قبيل إن " الشعب جاهل أوى و بينضحك عليه "  و التى إن خاف بعضهم من قولها مباشرة ، فإنها مفهومة من السياق .

يقول بعض البعض إنها مبادئ عامة موجودة فى كل الدساتير زي الحريات العامة البديهية و كده .... خلاص يا سيدي ، سيبها للجنة المنتخبة تحطها فى الدستور ! ، أما لو خايف بقى من اختيار الشعب لإنك مش واثق فى شعبيتك عنده ، فديه مشكلتك مش مشكلة مصر !
( اتضايقت جدا لما المجلس العسكري أذعن لجعجعة البعض و دعا إلى وضع مثل هذه المبادئ .. عامة مليونية الجمعة القادمة بيننا و بينه فى الموضوع ده بإذن الله ) .


3- مليونية الجمعة القادمة كان الداعى الرئيسي لها هي التيارات الإسلامية لتبرز قوتها و تلفت نظر حاكمي الفترة الانتقالية إليها فى مقابل الظاهرة الإعلامية - الجعجاعة غالبا - للتيارات المعارضة لها ، و رغم أننى ضد التصادم الآن بين التيارات و الأيدولوجيات فى مصر لحين اكتمال التحول الديموقراطي و الوصول بمصر الثورة إلى بر الأمان ، لكن سامح الله من كانوا السبب .
و يحسب للإسلاميين أن أول مليونية يدعو إليها إلى مطلب يعتبر - المفترض ألا يعتبر كذلك -  خاص بهم ( رفض المبادئ فوق الدستورية التى معظم من ينادون بها يخشون من الإسلاميين و يحاولون جاهدين تضييق الخناق علي طموحاتهم السياسية المستقبلية - التأكيد على هوية مصر كدولة إسلامية قائدة للأمة الإسلامية كلها، فى الوقت الذى يبدو فيه لدى البعض فى الداخل و الخارج حساسية غريبة تجاه هذه الهوية الراسخة فى وعي ولا وعي شعب مصر  )  بتاريخ 29 - 7 ، بعد أن فاض بهم الكيل ، و نفذ مخزون الصبر الاستراتيجي تجاه من تخندقوا و أقاموا مصر وأقعدوها من أجل مطالبهم الخاصة مباشرة بعد أن جاءت نتيجة استفتاء مارس مخيبة لآمالهم ، و حرمونا من الميدان الموحد على المطالب الإجماعية لمدة تزيد على الـ 3 أشهر ! ..... سامحنا و سامحهم الله .



4- أعجبنى رد الفعل الإجمالي العام من معتصمى التحرير ومن التيار الليبرالي بمحاولة جعل مليونية الجمعة القادمة لؤلؤة جديدة فى سلسلة المليونيات الضخمة الإجماعية من أجل مطالب الثورة الكلية ، و خيرا فعلوا ...... لكن حتى لا يخدع بعضنا بعضا ، فالإسلاميون ما زالوا متمسكين بإسقاط المبادئ فوق الدستورية كهدف رئيسي فى هذه المليونية ، لأنهم يرونه مطلبا مع رأي الأمة لا يتعارض مع ميثاق التوحد فى أهم ميادين الأمة .
كان لرد الفعل هذا دور كبير فى اليومين الماضيين فى تهدئة الشحن و التحفز الذى صاحب الدعوة للمليونية فى البداية ، لدرجة إنى لقيت الصفحات السلفية اللى كانت الأسخن فى الدعوة للمليونية بدأت فى وضع بوسترات لطيفة و هزار للدعوة إليها بدلا من بدائل أخرى من قبيل : " انقذ مصر من براثن العلمانيين و الفجرة و انزل الميدان لتطهره من دنسهم و إلا عليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ! " ...... هههههههههه بهرق طبعا ، مش للدرجة ديه ! .

5- مليونية الجمعة القادمة ستكون بإذن الله رصاصة الرحمة على الدعوة المستفزة المفرِّقة .. الدستور أولا التى سرقت منا الميدان العزيز لأشهر ...، خاصة لو ذكرتنا حشودها بجمعة الغضب أو التنحي بملايينها ، و تكون البرهان الساطع للعواطف و العقول أن ميدان التحرير هو ميدان إجماع الأمة بإذن الله حتى تقول كلمتها فى الانتخابات الحرة النزيهة لتكمل مسيرة تحولها الديموقراطي المجيدة ، و يتسلم سلطتها لأول مرة منذ اختراع كتابة التاريخ لهيئة حاكمة منتخبة تقوم بمصر الثورة إلى المكانة التى كانت حلما بعيدا فصارت بحمد الله أملا قريبا ....... موازين العالم اختلت يا بشر ، و مصر اللى هتعدلها بإذن الله .



6- بغض النظر عن أي تخمينات لنوايا الجيش الذى يحكم مصر الآن ، ابتداء من أن المشير طنطاوي و المجلس العسكري صحابة متنكرين و جايين من الجنة عشان يحسموا الثورة و يخدونا لبر الأمان  ! ، وانتهاء بأنهم أبالسة ولاد أبالسة بينفذوا مخطط صهيو - أمريكي مباركي فلولي لتدمير الثورة و وضع شعب مصر كله على الخازوق بتهمة البلاغ الكاذب ضد النظام السابق الشريف ! ، و كل التخمينات اللى فى النص ....... الرك بالأساس على الشعب ! .
المجلس جهة محافظة تنفق 9 أجزاء من الوقت فى التفكير فى العواقب و الجزء الأخير فقط فى التنفيذ ، لكن تتشجع - طوعا أو كرها - للإسراع فى تنفيذ مطالبنا إذا أصريـْــنا عليها ، ووقفنا وقفة قوية متوحدة و نزلنا إلى الميادين ، و ده أوضح من البحث عن أدلة له .
( انا عندى يقين إن الجيش ممثلا فى قيادته لو مش مع الثورة ، فهو مش ضدها أبدا ، ولي أدلة كثيرة على ذلك ، لكن مش وقتها دلوقت .. و الله أعلم ) .


7- كل حشد قوي فى ميادين مصر من أجل مطالب الثورة ، هو إضافة ممتازة فى اتجاه نجاح الثورة و التأكيد على يقظة الشعب المصري ، و هذا يعطى دفعة قوية جدا لباقى الشعوب العربية التى تواجهها مصاعب أكثر منا بكثير فى مسيرتها الثورية ، الخلاصة : المؤمن الثائر للمؤمن الثائر كالبنيان يشد بعضه بعضا .



8- يقول الشاعر : لكل داءٍ دواءٌ يستطابُ بهِ ــــــــ إلا الحماقةَ أعيت من يداويها .

فى الأيام الماضية بعد فشل الحشدمن أجل مليونية 22 - 7 ، اندفع بعض معتصمى الميدان المنتفخين بالأدرينالين إلى عمل لا أفهم له تبريرا عاقلا و أراه فى أفضل الأحوال أحمق - حتى وإن برروه باتهام الجيش بدون دليل واضح حتى الآن لـ 6 أبريل بالوقيعة بين  الجيش و الشعب و تنفيذ أجندات أجنبية ، ومحاولة عرض مطالب الثورة على الجيش مباشرة - ، وهو الخروج من التحرير فى مظاهرة إلى وزارة الدفاع هاتفين بسقوط المشير و حكم العسكر ! ، فكانت النتيجة موقعة العباسية 1 و 2 ، والتى عمقت الفجوة أكثر بينهم و بين الشعب و بين المجلس العسكري ، و أكدت الهواجس لدى طائفة كبيرة فى الشعب المصري أن " العيال بتوع التحرير " أغبيا و عايزين يخربوا البلد ، وعايزين يسقطوا الجيش لتدخل مصر فى الفوضى التى تخدم القوى الخارجية !!

بغض النظر عن مسئولية الجيش الجزئية عن هذه الحوادث المؤسفة بتسخين الناس بيبانه الشهير ضد 6 أبريل  ، لكن كان بإمكان المعتصمين فى التحرير أن يقوا أنفسهم و مصر نار فتنة وقودها الشعب والثورة و مصر ... ثم من امتى بنحتاج نتظاهر قدام وزارة الدفاع ؟؟ .. كنا بنبقى مكاننا فى التحرير فى المليونية المتوحدة و مطالبنا بتتحقق قبلها بيومين ! .

آخر عمل يمكن أن يندفع إليه أي مصري يمتلك 3 خلايا عصبية فى مركز التفكير فى مخه هو الصدام مع الجيش خاصة فى هذها الوقت الحساس ..... اعقلوا بقى ... ما بالك و قد أحدثوا فجوة جديدة بين الثورة و بين عامة الشعب المصري ! ..... يعنى شعب و جيش لـُــكشة واحدة !! ...... ربنا يهدينا ويهديهم .
دورنا فى المليونية القادمة أن نعطى هؤلاء درسا فى كيفية الاعتراض على بعض توجهات المجلس العسكري و توجيه الانتقادات لبعض سياساته دون الصدام معه من قريب أو بعيد ، بل  احترام دوره الوطني و حسمه السريع للثورة ، وطلب الحق صنعة زي ما قال بلال فضل .



9- مرور المليونية القادمة بهدوء وسلامة ودون صدام سيكون رسالة طمأنينة هامة جدا إلى الملايين من الشعب المصري الذى ما زالوا ينظرون للثورة بنوع من التوجس و الخوف و الحذر الزائدين ، وإعادة ثقة فى ميدان التحرير بعد أن استـُــنـزِفَ مخزون الثقة فيه على أيدى بعض من لا يحسنون التعامل مع بقعة من أطهر بقاع مصر و لا يحسنون استغلاله بالشكل الملائم الذى يوظف العاطفة الجياشة و العقل المتحكم المسيطر معا فى فى خلطة عبقرية نحتاجها للغاية فى هذا الوقت العصيب .

10- التأكيد على حتمية التحول الديموقراطي بإذن الله ، و أنه لا مفر من تسليم السلطة بالانتخابات النزيهة الحرة إلى سلطة مدنية منتخبة تعبر عن و تكتسب قوتها من هذا الشعب الثائر الذى سيقف بالساعات تحت لفح شمس يوليو اللاهبة - قال بيقول عامية قال ! - للتأكيد على أنه ما زال يقظا و أنه فى حالة انعقاد دائم لحماية الثورة و مصر بإذن الله من أية سيناريوهات أو أجندات كده ولا كده .

و مطلب الإسراع بالانتخابات البرلمانية و عدم تأخيرها عن المحدد الآن هو المطلب الأصل الذى لا ينبغى أن يقدم عليه الفرع - وهو مهم كذلك - ، مثل محاكمة الفلول و الفاسدين ، و التطهير التام لمؤسسات مصر منهم .... الخ ، لأن هذه الانتخابات هي البوابة - بإذن الله - لقطع أول خطوة حقيقية فى مسار ترسيخ الثورة و كل المطالب الأخري للثورة سيسهم فى إحسان تنفيذها بالشكل الذى يرضى الله و الشعب المتعطش لنيل حقوقه .


موعدنا فى التحرير بإذن الله ! .

14‏/07‏/2011

الثورجية و السكيزوفرينيا و أشياء أخري



( توضيح هام : هناك خطأ علمي شائع فى الخلط بين السكيزوفرينيا أو الشيزوفرينيا و ازدواج الشخصية أو تناقضها ، لكن بما أننا لسنا فى درس فى علم النفس أو راوند فى السيكاتري ، فلا مانع من " ركوب موجة " هذا الخطأ ، واعتبار الشيزوفرينيا هي التناقض ! )

الثورة فعل عظيم جدا جدا ، وبالأخص عندما تنجح ، إذ تكون كعملية جراحية حاسمة وخطيرة لا حل للمرض العضال سواها ، وفى وقت وجيز تنقل المريض من شفا الموت إلى خضم الحياة ..... هذا إن نجحت ! .

 وأن تنتسب للثورة ، فتكون ثوريا مناضلا تثور على كل سئ فى حياتك الشخصية و مجتمعك و أمتك والعالم ، فهذا شئ رائع ، و ثورة رائعة كالحلم كـ 25 يناير يمثل الانتساب لها شرف عظيم جدا لمن شارك فى إشعال جذوتها وفى أحداثها ..... وتكليف أعظم كذلك ! .

لكن من أبغضهم كأشد ما يكون البغض ، هم من يمكن تسميتهم بالـ " ثورجية " ، وهم الذين اتخذوا الثورة حرفة للاسترزاق السياسي و الإعلامي و أحيانا المادي ، و يريدون الانفراد الحصري بتوكيل الثورة و توجيه دفتها ، و هؤلاء غالبا ما تجدهم مندفعين منفعلين يقومون بالفعل ثم يفكرون فيه .... و أحيانا لا يفكرون .

يؤسفنى فعلا أن أهاجم أناسا كان لبعضهم أدوار مشهودة فى إرهاصات الثورة و بداياتها و أهم مفاصل أحداثها ، لكن الحق أعز عندنا من الأشخاص ، ومصلحة مصرنا العزيزة بإذن الله فوق كل اعتبار .

و كعادتي ، سألخص أفكاري فى هذا الموضوع فى 10 نقاط سريعة :

1- النوايا الحقيقية للإنسان هي سر أسراره ، لكن من رحمة الله به وبغيره أن جانبا كبيرا أو صغيرا منها ينكشف من مواقفه و آرائه .. الخ ، وانطلاقا من هذا فليس من التجني أن مواقف بعض من شاركوا فى الثورة بأدوار مهمة تشير بوضوح إلى أنه لم تكن نيتهم الوحيدة فى ما فعلوا فى الثورة هي الله والوطن ، وإنما غلب على بعضهم حب السلطة و شهوة القيادة و الإعجاب بالذات و هوس الظهور ... الخ .

2- من أهم خواص الكائن الثورجي أنه دائما ما يعارض من أجل المعارضة ، و يمتلك موهبة فريدة فى استخلاص وانتزاع الأنصاف الفارغة من كافة أكواب الكون و تكبيرها و إغفال وجود أية إيجابيات لأن الاعتراف بوجود الإيجابيات ولو قليلة يمثل بالنسبة للثورجي حدثا " فصيلا " يخرجه من "مود " الكآبة والتغتيت على خلق الله و تكدير عيشتهم و " اللى خلفوهم " ، وهو المود الذى يمكنه من آداء رسالته العظمي فى الحياة وهي .. الثورة من أجل الثورة .. خلقت لأعترض ! .

3- الثورجي غالبا ما يعتبر نفسه أحد المحاور الرئيسية التى يرتكز عليها البناء الكوني ، و عنده اعتقاد جازم أنه " الكبير بتاع الليلة " و أنه " خسارة فى البلد دي " التى تمتلئ عن آخرها بالأغبياء والحمقى و المغفلين و مدمنى أفيون الشعوب الأخطر .. الدين ! ، ولذا تجده يسب الأحزاب و شباب الثورة و المجلس العسكري و مجلس الوزراء والفلول و الإخوان والأزهر و حتى الكابتن ماجد ... الخ ! . هو الوحيد الذى يمتلك المواقف التى تشفع له أمامه ألا يـُـخـَــوِّنـَــه أو يسبه !! .

4- الثورجي - للأسف الشديد - طاقة اندفاعية سلبية مُعدية ، و صوته العالى و " تنطيطه " من كشك إعلامي إلى آخر من أهم أسباب قدرته على العدوي ، ولذا تجد الكثير من المخلصين ينخدعون فيه خاصة إذا ما اعتبروا اندفاعه و حماسته الجارفة ميزات رهيبة له فى مقابل هدوءهم و برودهم فى أحيان كثيرة ، و لذا يكنون له احتراما خاصا ، و يصبحون فى يده كالعجينة و يتمكن بسهولة من اجتذابهم باللعب بالعواطف و بأجواء التسخين و الإثارة ( دم الشهداء من هيرجع غير لما نقفلهم القنال كام يوم ولاد التيييييييييييييت دول / تلاقيه بيحكمنا من مبارك دلوقت و مدلدل لينا لسانه / المجلس العسكري صنيعة مبارك و عبده المخلص والفيلات و القصور التى منحها لهم هي الثمن .... الخ ) ، فتجد أغلب من يقتنع بمنطق الثورجي يصل إلى نتيجة مفادها أن الثورة فشلت و أن النظام ما زال كما هو و أننا " انضحك علينا " ...... الخ ..... ( أكبر مستعمرة لإنتاج وتفريخ الثورجية هي تويتر نظرا لنظام الكبسولات السريعة الذى يقوم على أساسه ، والذى يعطي للثورجي مساحة هائلة لكي يلقى القنبلة تلو الأخري و يحدث القدر الذى يرضيه من الضجيج ) .

5- لاريب أن الثورجي ليس دائما على خطأ ، فأي عاقل مؤمن بالثورة يدرك أن بقاء روح الثورة حية و دوام امتلاك القدرة على حشد الجماهير و إنزالها للشارع فى الوقت المناسب ، هما الضمانتين الرئيستين لنجاح الثورة ، و أننا فى مصر خصيصا لابد و أن نضغط باستمرار من أجل ضمان تنفيذ مطالبنا الثورة بسرعة و إتقان ، فنحن وافقنا على أن تدير لنا البلاد قوة غير ثورية هي الجيش كأفضل حل لإدارة الفترة الانتقالية بعد تنحي المخلوع ، إذ أنها الجهة الوحيدة فى مصر التى تمتلك القوة الكافية لممارسة العنف المقنَّـن اللازم لفرض النظام فى الدولة ( هذا هو تعريف السلطة فى علم السياسة ) .
لذا فالبديهي أن نطبق مع الجيش نظرية : " اضغط اضغط تاكل ملبن " ، فالهدف الذى نريد السلطة الحالية أن تحققه لنا ، ما علينا سوى أن نحشد عليه أكبر قدر ممكن من الناس فى مليونية جمعوية .


لكن ما أعترض عليه فى الثورجية أنهم بدأوا فى تخوين الجيش بسبب بطئه فى تحقيق المطالب ، مع أن حماقات الثورجية و تفتيتهم للشارع الثوري حوالى 3 أشهر فى نزاعات على قضايا فرعية و أمور تخالف الإجماع الوطني مثل الدستور أولا .. الخ ، هو سبب أهم فى إبطاء مسيرة الثورة لغياب الضغط الجماعي الحقيقي على الجيش طوال هذه المدة .. و رأينا جميعا مع عودة الضغط كيف عاد من جديد حصاد النتائج الثورية ...... إذن العيب فينا وليس فى الجيش .


6- الثورجي يجيد مهارة " اخسر شعبك " ، حيث تجدة ينتزع كراهية الأغلبية الصامتة من الشعب له انتزاعا ، فمثلا .. بإمكان الثورجي أن يعتصم كما يشاء من أجل الهدف الذى يشاء ولن يعترض أحد إجمالا ، لكنك تجده يتجه لإغلاق طريق حيوي أو مؤسسة مهمة أو .. أو ... ، مما يخلق له عداوة مع عامة الناس لا مبرر لها ولا طائل من ورائها ، خاصة أن هذه الأغلبية بإمكانها رفض الالتفاف حوله فى مليونية أو إسقاطه فى انتخابات قادمة .. و سيكون هو الخاسر الأكبر .
كما أن عامة الناس لا يحبون تكبر الثورجي عليهم ، واتهامه الدائم لهم بأنهم حمقى و مدفوعين و مضحوك عليهم ، ولا يتحملون بتاتا سبـَّـه بالأب و الأم و العـِــرض للمجلس العسكري بدلا من الانتقاد العاقل الموضوعي .
كما أنه ينكشف أمام الناس بسرعة كون الثورجي لاهثا وراء مصالحه الشخصية و إثبات كيانه و إرضاء غروره مهما حاول أن يخفى ذلك وراء أقنعة مثل صراخه المستمر بأنه حريص بشدة على الثورة و أنه كاد يموت من الجفاف بسبلب دموعه الغزيرة على دماء الشهداء و المصابين ... الخ .


ما يؤلمنى فعلا أن الثورجية يحرقون رصيد الثورة و شبابها لدى عامة الناس ، وهو رصيد فى أصله ليس بالكثير ، و عامة الناس - شئنا أم أبينا - هم من فى الأساس قامت بهم و من أجلهم الثورة ... و تدليلهم و الحرص عليهم وكسبهم فريضة ثورية .


7- 8 - 9 - 10 : السكيزوفرينيا ! :
لا يجد الثورجي حرجا فى أن يغمرنا بالمتناقضات فى كل فمتو ثانية ،  دون أن يهتز له جفن .. و مهما حاولت إيضاح هذا التناقض ، فلن تنجح لا بالمنطق و لا الإقناع ولا الجن الأزرق ! .


لا أدري هل هذا متعمد أم أنه نتيجة الاندفاع العاطفى و اللاثبات الشعوري الذى يتسم به أغلب الثورجية ، لكن الأمثلة خير بيان :


- الثورجي لا يجد غضاضة فى أن ينسب نفسه للديموقراطية و اعتبارها قدس الأقداس ، لكنه فى نفس الوقت لا يكف عن لعن أول تجربة ديموقراطية حقيقية حدثت فى مصر وهي الاستفتاء ، و احتقار نتيجتها و ما ترتب عليها لأنها لم تأتِ على هواه و اعتبرها ضد الثورة ......... كيف يختار لشعب عكس ما أراد كبير الثورة ؟؟


- الثورجي لا يجد تناقضا فى اتهام الإخوان و الإسلاميين بأن لديهم صفقة مع المجلس العسكري ، رغم أنهم أكثر القوى مطالبة بتسريع رحيل الجيش عن السلطة ! ، و وصف أحد مرشحيهم الرئاسيين المجلس العسكري بأن أعضاءه ذئاب  وثعالب !
لكنه فقط من لا يملك صفقة مع المجلس العسكري رغم أنه يطالبه بالبقاء فى السلطة سنوات فى فترة انتقالية طويلة حتى ينضج حزبه على " رواقة " و يحكم البلد ( بدلا من الإخوان المتوحشين )  .


- الثورجي يهتف فى المظاهرات مؤخرا : الشعب يريد إسقاط المشير .. و .. حكم العسكر عار و خيانة ، ومع ذلك يطالب بوضع مادة فى الدستور الجديد تسمح للجيش بالتدخل للحفاظ على مدنية " غالبا هنا بمعنى علمانية أو ما يتفق مع فكر الثورجي " الدولة !.


- الثورجي يسب المجلس العسكري ليل نهار ، لكن ليس عنده مانع فى أن يختار المجلس بالتعيين لجنة وضع الدستور " من النخبة " بدلا من الطريق الذى أقره الاستفتاء ( غالبا أن هذا خوفا من الإخوان المفترسين ) .


- الثورجي يتهم " الإخوان المجرمين " بالقفز على الثورة رغم أنهم شاركوا بكامل قوتهم فى أهم أيامها ( جمعة الغضب ) وما تلاه !


- الثورجي يريد حل الداخلية فورا و عزل كافة قياداتها من أجل التطهير ، ومع ذلك يطالب الداخلية بالقضاء على الانفلات الأمني و إعادة هيبة الدولة فى أسرع فرصة ! .




الأمثلة لا حصر لها .
و ختاما أدعو الله أن ينصر ثورة مصر على البلطجية و الانتهازيين و المتأمركين و المصلحجية  و الفلول و الركمجية ( راكبو الأمواج ! ) و الثورجية .


03‏/07‏/2011

عن الليبرالية والإسلام (3) ......... وصايا عشر // عن شعب مصر

هذا المقال موجه إلى كل إسلامي أو ليبرالي مخلص لمصر ويريد العبور بها إلى بر الأمان بإذن الله ، و يقدم صالحها على أغراضه الشخصية .

شعب مصر ..... تركيبة غريبة جدا قلَّ مثيلها ، عبقري جدا .. غبي للغاية ، شجاع جدا كالأسد الهصور.. جبان جدا كالفأر المذعور ! .. الخ ، لم أرَ شعبا يجمع هذا الكم من المتناقضات التى اجتمعت فى وجدان هذا الشعب .. يكفينا كمثال أنه حتى يوم 24 يناير أو 25 يناير الصبح ، لم يكن يتصور أحد فى العالم حتى الشعب المصري نفسه أن هذا الشعب الوديع المطيع سيقوم بما قام به فى الـ 18 يوما التالية .. ويكفينا جمعة الغضب 28 يناير التى سيتحدث عنها التاريخ كثيرا كثيرا بإذن الله .

المهم .. كفانا مقدمات ، و ندخل إلى الموضوع الذى ألخصه فى 10 نقاط أو وصايا أو افتكاسات أو .. أو ... سمــِّـــها ما شئت ، المهم أننى سأعرض فيها رؤيتى عن كيفية تعامل أرباب السياسة مع الشعب المصري من أجل العبور بثورة 25 يناير العظيمة إلى بر الأمان بإذن الله :

1- أشد خطر على الثورة : ليس هو المجلس العسكري أو فلول النظام أو بقايا الحزب الوطنى أو أشلاء الفاسدين أو أمريكا أو اسرائيل أو الماسونية العالمية أو يحيى الجمل أو .. أو .. أو ..الخ .. بل أنا وأنت ..... الشعب المصري ! . ببساطة شديدة ، لو تحالف كل ما ذكرت على إجهاض الثورة لكن تمسـَّــك الشعب بها ، فلن يجدوا إلى ذلك سبيلا بإذن الله ، فى حين أنه إذا كفر الشعب بهذه الثورة - أقصد بالشعب هنا الأغلبية الصامتة من عموم المصريين المندمجة فى تفاصيل حياتها اليومية - فقد انقصم ظهرها و لن تقومَ لها - لا قدر الله - قائمة ...... إذا فتدليل الشعب المصري قدر الاستطاعة ، و الحفاظ على إيمانه بهذه الثورة المجيدة و اتخاذها شعلة تلهب الحماسة نحو الارتقاء بمصر هو السبيل الأول لذلك .... ( فعليا بدأ الكثير من هؤلاء يتململ من الثورة لعوامل عدة فى مقدمتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة الموروثة و كذلك الآثار الجانبية للثورة من بعض الانفلاتات الأمنية و الاقتصادية و كذلك جهل البعض و عدم قدرتهم على استيعاب هذه الثورة المفاجئة و ما ترتب عليها ) .

2- الشعب المصري " بغزالة " !! : هذه النقطة مرتبطة بسابقتها جدا .

- 24 يناير 2011 : الشعب المصري مندمج فى حياته اليومية ودوامة لقمة العيش " بتروح وتيجى بيه " كعادته وعادتها ، ولا جديد تحت السطح إلا أن " شوية عيال " على المحروق اللى اسمه " الفيسبوك " قال عايزينا نعمل زي تونس قال ! ... مصر غييييييييييير تونس ! ، ده احنا عندنا كام مليون عسكري أمن مركزي ياكلوا الزلط ...... كله تمام يا فندم .

- 28 يناير 2011 - السادسة مساء : بدأت وحدات الجيش المصري فى النزول إلى شوارع مصر وذلك لاستعادة السيطرة على الأوضاع فى مصر خاصة القاهرة والأسكندرية والتى امتلأت بملايين المتظاهرين المطالبين برحيل مبارك الفاسد ونظامه و مئات عربات الأمن المركزي المحترقة و عشرات أقسام الشرطة و مقرات الحزب الوطنى تلتهمها النيران ، والنظام المصري انهار و ووزارة الداخلية " خلعت " ! .

- 1 فبراير 2011 : ملايين المصريين ينخرطون فى بكاء عاطفى حار و يهتفون بحياة رئيسهم العظيم مبارك بعد خطابه " العاتشفى " الذى أكد فيه أن سيموت ويدفن فى مصر وأنه لم يكن ينتوى ..... وتطلب الملايين من " الخونة " فى التحرير وغيره أن يكفوا عن مطالبة الرئيس الحلو الجدع أبو عيون جريئة بالتنحي ، وعليهم العودة إلى المنزل فورا .

- 11 فبراير 2011 : رغم ظهور مبارك فى خطاب لمدة 17 دقيقة يكاد فيه " يبوس جزمة " الشعب المصري و معتصمي التحرير ، و يتنازل فيه عن سلطاته لنائبه سليمان ، فإن شوارع مصر امتلأت بـ 15 مليونا من المتظاهرين المطالبين برحيل مبارك تحت شعاري :
" ارحل يعنى امشى .. ياللى ما بتفهمشى " // " لا مبارك ولا سليمان .. كله عميل للأمريكان " .... ويتنحى مبارك فى هذا اليوم ! .

الرسالة وصلت ؟؟؟؟؟؟


3 - 4 -5 - كلمة السر ... الاقتصاد :
مفتاح الشعب المصري هو الاقتصاد ، والدافع الرئيسي للثورة قبل الإصلاح السياسي كان الإصلاح الاقتصادي ، هناك ما يزيد عن الـ 20 مليون فقير فى مصر ، وأي فرد أو حزب يريد العمل فى السياسة ولا يمتلك برنامجا اقتصاديا مبتكرا وطموحا ينتشل مصر من الوضع الاقتصادى المزري الحالي .. عليه أن يجلس فى البيت " جنب ماما " أفضل ! ... و مع أول انخفاض حقيقي فى الأسعار نتيجه إجراءات اقتصادية سليمة مع توفير هيكل أجور عادل يغطى الاحتياجات الأساسية ويفيض ، حينها فقط .. سيعلن الشعب المصري أن الثورة قد نجحت بحمد الله .

6- ليس بإمكان أحد الآن كظم الصرخات :
ملايين من المصريين خاصة فى العشوائيات والقرى الفقيرة والنجوع البعيدة لا تتوافر لديهم الاحتياجات الأساسية حتى الماء و الطعام والدواء والمجاري ، وهؤلاء كان حاجز الخوف و القمع الأمنى يحجب معظمهم عن الصراخ من ألم ما يعانى .. وهؤلاء الذين يتأملون الأبراج والمولات التجارية القريبة من فوق أكوام القمامة التى يغوصون فى أمواجها ، من كنا نعتقد أنهم سيقومون فى آخر الامر بثورة جياع لا يعلم مدى تأثيرها إلا الله ...... أما و قد أنقذنا الله من هذا السيناريو و خففت هذه الثورة التى جاءت بطابع الطبقة الوسطي " أو بقاياها " من أثر انفجار الجياع و المعذبين والذى ظهر بعضه فى جمعة الغضب ، فعلينا أن نتنبه أن هؤلاء البؤساء لم يعد هناك ما يمنعهم من الصراخ كما يشاؤون .. وهم والله معذورون ، ولذا .. فكامل تحياتى وتقديري لكل بطل يبذل جهده الآن فى تخفيف معاناة هؤلاء بأي عمل خيري فى أي مجال .... لابد من احتواء مصابهم بمسكنات سريعة وفعالة ريثما تقف مصر على قدميها من جديد و تصدر سياسات وإجراءات تحل مشاكلهم من الجذور و تقتلع المناخ الذى سبب كل هذا الدمار ..... منع حدوث هذا الانفجار من أهم ضمانات نجاح الثورة بإذن الله .

7- إلى ديوك الفضائيات .. الشارع أولا : 
أعلم أن التلفزيون و " الوصلة " فى متناول الجميع ، و أن البعض يقدم الحصول على طبق الدش على الحصول على طبق الطعام الكافى !
لكن فى النهاية فأغلب الحوار النخبوي الذى امتلأت به الشاشا لا يعنى المواطن البسيط فى شئ ، هذا المواطن يريد نتائج ملموسة فى الشارع و يريد من ينزل إليه على الأقدام ليعرفه " الدنيا ماشية إزاي " ، فتحية لكل من يعمل فى الشارع بين الناس ... و سلملى ع النخبة .

8- الأمن والأمان : 
كان النظام البائد يمن على الشعب بالأمن الكاذب الذى كان موجودا فى مصر ، ورغم أن معدلات الجريمة كانت آخذة فى الارتفاع و نوعيات الجرائم مع مرور الأيام كان تسوء و تسوء ، لكن كانت الناس إجمالا تشعر بالأمن ، وقد وصفته بالكاذب لأنه لم يكن ناتجا عن حياة سياسية و اجتماعية سليمة و كفاءة أمنية احترافية ، إنما كان بسبب حاجز خوف مهيب يسيطر على الشعب المصري من القبضة الأمنية الباطشة ..... فلما انهار هذا الحاجز و اهتزت القبضة الأمنية بفعل صدمة جمعة الغضب ، انكشفت المنظومة الأمنية المختلة ، وتبين كم هو هائل طوفان البلطجية والخارجين عن القانون و المجرمين الموجود فى مصر ، ولذا فمن يريد إصلاح مصر فعلا لابد و أن يمتلك رؤية حقيقية لإصلاح منظومة الأمن و عودة هيبة الأمن دون قمع .... للأسف عندنا عقلية أمنية مختلة تؤمن أن القمع وحده و إذلال الشعب هو الحل لمشكلة الأمن ، وهذه العقلية لا تفهم أنه بالإمكان جدا تحقيق الأمن و احترام القانون دون قهر أو قمع و باستخدام رشيد للقوة ............... لابد فى أسرع وقت من حل مشكلة الأمن ، وأن تعود الأمور فى هذا الجانب لأفضل مما كانت عليه .

9 - 10 - الشعب المصري متدين ...... و لكن :
الشعب المصري يحب الدين جدا ، ويرتبط به عاطفيا إلى حد كبير وواضح ، ومشهد الآلاف سجودا فى التحرير أثناء الثورة هو مشهد فريد لا تراه بهذا الزخم إلا فى الحرمين ، والشعب المصري إجمالا يحب معرفة رأي الدين فى كل شئون حياته ، لكن هناك ظاهرة ناجمة عن مناخ الفساد فى الفترة الأخيرة خاصة عصر مبارك ، وعن افتقاد معظمنا للتنشئة والتربية الدينية السليمة ، هذه الظاهرة عبارة عن تناقض شديد فى علاقة الشعب المصري بالدين والتدين ....... مثال :

الكثير من المصريين المسلمين يريدون فعلا أن يكونوا أكثر تدينا ، وأن يهيمن الدين على كافة جوانب حياتهم ، لكن للأسف أغلب هذه الرغبة ينطلق من حماسة عاطفية قبل أن يكون إيمانا حقيقيا مرتكزا على العقل والتفكير بالقضية الإسلامية ومشروع الإسلام الشامل للحياة .

ولذا تجد منا جميعا تقصيرا شديدا فى تطبيق الإسلام فى حياتنا الشخصية ، فتجدنا فى أحسن الأحوال ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا - عسى الله أن يعفو عنا جميعا - ، فتجد أحدنا يحافظ على الصلاة لكن لسانه يقطر بالقاذورات ! ، و يلقى القمامة فى الشارع ، ويكسر بسيارته على الآخرين ، ولا يرحم كبيرة أو صغيرة من سهام عينه الجارحة ، وفى فرحه يحرص أن تغطى عروسه شعرها بطرحه - لأنها محجبة - رغم أنهما " مقضيينها رقص " أمام المعازيم على أغان ٍ لا تتفق مع أي ذوق أو شرع أو خلق ! .

لذا فبخصوص علاقة الدين بالسياسة فى مصر بعد الثورة و اللغط الكبير حول هذا الموضوع فإنى أرى الآتى - والله أعلم - :

* لا مستقبل لمن يريد عزل الدين كليا عن الحياة كغلاة العلمانية و غيرهم مهما حاولوا التستر تحت عناوين أخف مثل المدنية أو الليبرالية أو الفهم الجديد للإسلام .... الخ ، كذلك لا مستقبل لمن يريد تطبيق الشريعة سريعا بقوة وقهر القانون على الناس .

* سيكتسح الساحة السياسية فى مصر - والله أعلم - التيارات الإسلامية المعتدلة المؤيدة للتطبيق التدريجي للشريعة والتى تجيد إقناع الناس  والتفاهم معهم بأقل قدر من الجبرية القانونية و التى تركز على حل مشكلات الناس اليومية خاصة الاقتصادية والاجتماعية ، و التى تفتح المجال أمام الدعاة و المصلحون المستقلون عن النظام الحاكم ليتولوا هم المسئولية الأكبر نشر الفكرة الإسلامية بين الناس ، وكذلك التيارات الليبرالية المعتدلة التى تحترم الدين ستجد لها أرضية كبيرة .

* لا بد من أن يكف الإسلاميون والليبراليون حاليا عن المنازعات الأيدولوجية و الفكرية ، أو التقليل منها ، والتعاون من أجل إنجاز الأهداف المشتركة فى الارتقاء بمصر وتحقيق مكاسب ثورتها و التحول الديموقراطي الذى ننشده جميعا و تخفيف الأعباء عن عامة الشعب المصري و تسكين آلامهم ريثما تدور عجلة الإصلاح لتحلها جذريا ، وهنا أشكر تحديدا الإخوان والسلفيين على مجهوداتهم البارزة في هذا الشأن خاصة فى العشوائيات .

* أنا كإسلامي أؤيد بالطبع التيارات الإسلامية المعتدلة فى كافة مجالات العمل فى مصر سياسيا واجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا .. الخ ، لكن أخشى عليهم من الاندفاع الحماسي فى التطبيق ، لأننى أرى أن هذا استعجال فى قطف الثمرة و هي لم تنضج بعد ، تذكروا أن مجالا واحدا كالاقتصاد وعماده البنوك يقوم على أسس تختلف تماما عن أسس النظرية الاقتصادية فى الإسلام التى تقوم على أساس مكافحة الربا ، مما سيستلزم فى هذا المجال الحساس مجهودات خرافية فى الإصلاح تتطلب الذكاء و الشجاعة  ..... بكلمات قليلة : أريد التجربة التركية لحزب العدالة والتنمية لكن بإيقاع أسرع نظرا لأن مصر تختلف عن تركيا فى أن الأخيرة بها مراكز نفوذ قوية للعلمانية المتطرفة المحاربة للدين .

اللهم وفق مصرنا لما فيه الخير ، و انصر ثورتها المباركة على أعدائها ، وانصر الشعب المصري على الشعب المصري .