25‏/01‏/2013

يناير .. حلمٌ بمذاق الكابوس

حلمٌ بمذاق الكابوس .. كابوس حالم .. حلم كابوسي .. الخ .. أسماء عديدة لمسمىً واحد ... إنها ثورة الدموع - أفراحا ً و أتراحا ً - ، ثورة يناير .

18 يوما و عامان  لن أنساها ما حييت ... ذقتُ فيها أقسى و أقصى ما مررت به من ألم و أمل ، ضحكت باكيا ، و بكيتُ ضاحكا . كنت أعتقد قبلها أنني ذو خيال واسع و أنه مهما كان الواقع غريبا فلن يناطح أبدا ما أنسجه في أحلام اليقظة و المنام ، لكن وقائع هذين العامين أكدت أن مركز الخيال في عقلي عبارة عن 3 خلايا ( و يبدو أنها انتحرت من الصدمة ! ) .

أشعر أننا - بالبلدي - " اتاخدنا من الدار للنار " . كانت الحياة رتيبة و الأحداث مملة و مكررة ، و إذا حدث " أكشن " ما ، فهو من الخارج دائما ، أما نحن فراقدون في قاع المستنقع الراكد ، و بالكاد نتحرك قليلا لنخرج جزءا في فتحة أنفنا في الهواء حفاظاً على ما بقي في الجسد الميت من حياة ! ..... و إذ فجأة ....... فُتِحَت أبواب سماءِ مصرَ بسيول من الأحداث تنهمر ، و انفجرت من أرضها عيونٌ - بل أنهار و محيطات - من البشر و الأزمنة و الأمكنة و المواقف و الدماء و الدموع  ..و .. و .. ، على أمر ٍ قد قدَّره المولى سبحانه و تعالى ، و لا يعلم مداهُ شرا أو خيرا سواه .

عندما انضممت مساءً لمظاهرة طنطا يوم 25 يناير 2011 - بعد تردد ٍ و خوف ٍ شديديْن - ، و رغم أن تنحي طاغية تونس لم تبردْ ناره بعد ، فقد كان أقصى طموحى أن أساهم في جعل الظالمين يبيتونَ يومَا مغتاظين ! ، و أن أجد ما أقوله أمام ربي يوم الحساب عندما يسألني لماذا لم أدفع الظلم بلساني مع من خاطروا و سبقوني بها ... أكثر أجزاء نفسي و عقلي تفاؤلا لم يتصور لوهلة أن العد التنازلي لسقوط مبارك كان يقرأ حينها 17 يوما ً و 22 ساعة و 31 دقيقة !.
أما في مساء الحادي عشر من فبراير و أنا والملايين غارقون حتي الثمالة في نشوة سقوط الطاغية ، فلم يتصور أشد أجزاء نفسي و عقلي تشاؤما و كابوسية أن  في العامين التاليين ( و الله أعلم بما يليهما )  ستتعرض منظومتي النفسية المسكينة لهذا الكم الرهيب من الضغط و التأثر بكافة المتنافضات من المشاعر و الأحاسيس .. لا أجد تشبيها لهذا سوى " البسترة " ! .
حدث إيجابي يزهِرُ موجة صاعدة تحلق بنا و نظن أننا ماضون بها إلى ما وراء النجوم ، يعقبه - ممكن بعد ساعتين زمن ! - حدث سلبي جدا يسبب موجة سافلة نظن بها أننا عائدون " ورا الشمس " ! .

باختصار ... لم نكن مستعدين لها و لا مستحقين ، و لولا إشارات ربانية بتوفيق الله لها رغم أنوف أعدائها و أصدقائها على حد سواء ، لمتًّ - و معي كثيرون - كمدا ً .

لا أملك إلا أن أدعو ربي - و أبذل جهدي في أن أتبع الدعاء بالعمل - أن يتم على مصر ثورتها و أن يقرِّبَ بها أمتنا من أطياف أحلام ٍ تتوارثها منذ مئات السنين ، و أن يستخدمني و كل مخلص في سبيل ذلك بأكبر قدر ممكن من الوسائل .

قولوا آمين !