15‏/02‏/2013

واو الجماعة !

من أسوأ ما ابتُلينا به في هذا العصر ، هو الحاجة المستمرة لتثبيت الثوابت و بيان كيف أن المُسلـَّـمات مُسلـَّـمات ، بمعنى آخر إعادة اختراع العجلة ، أو بالبلدي .. " الحكي في المحكي " ! .

لا أدري بأي وجه ٍ يجادل البعض في هذا الزمان في جدوى  وقيمة العمل الجماعي من منظور الإسلام ، بل ويحاول البعض شرعنة نزعاتهم الفردية الأنانية باسم الدين ، ولا بأس من استخدام بعض الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الموجهة إلى الفرد المسلم و بناء شخصيته وكيانه ، وهنا تظهر كارثة اجتزاء الإسلام ، وأخذ بعض الكتاب و ترك بعض . وأنا أتحدى أحد هؤلاء أن يفتح المصحف على أية صفحة ولا يجد فعل أمر مصحوبا ً بواو الجماعة موجها إلى المؤمنين في مجموعهم ، و جُلَ أوامر و نواهي و مقاصد الإسلام لا تتحقق بالشكل الأمثل إلا في وجود تجمع إسلامي ما يشد بعضه بعضا ، على تدرج درجات الاجتماع و اتساع دوائره .
وسطية الإسلام في الموازنة بين حقوق وواجبات كل من الفرد والجماعة - بحيث لا يُسحَقْ الفرد من أجل الجماعة أو يتضخم على حسابها -لا يراها إلا من يملكون النظرة البانورامية الشاملة للإسلام ... و هؤلاء قليل .

لم يؤتَ الإسلام على مدار تاريخه من عدو كما أتِيَ من هؤلاء الذين انكبّوا على أنفسهم وشئونهم الخاصة وحياتهم الشخصية ـ وانغمسوا فيها حتى النخاع ، واكتفى كل منهم ببعض مظاهر وطقوس الإسلام وظنَّ أن له بهذا أجر المفلحين المصلحين ..... أم حسبْتُم أنْ تدخلوا الجنةَ و لمّا يعلَمِ اللهُ الذينَ جاهدوا مِنكُمْ و يعلمَ الصابرينْ ؟!

الخلاصة ... لم يعُد لدى أي منا حجة في زمن الانفتاح ومناخ الحرية الذي أعقب الثورة في ألا يجتمع على الخير و أن يكونَ ترسا مميزا في عجلة هذه الأمة التى تريد أن تنفضَ عن كاهلها غبار قرونٍ من الهُمُودْ و سكون العَدَم.

أعلم أن بعض الأحباب الآن و هم يقرأون كلامي ، يتهامسون أن هدفي من قولي هو الدعوة للانضمام إلى الإخوان بصفتى " خروف " مستجد .... وليكُنْ ! .. أنا رأيتُ أن هذا التجمع الإسلامي الضخم يتحقق فيه الخير ومراد الإسلام  والعمل من أجله أكثر من غيره ، وأن كفة صوابه ترجح خطأه ولذا آثرت أن أقترب منه وأن أحاول تطبيق الإسلام في إطاره ، وسأبذل جهدي في إقناع غيري بهذا ،  ومن لايقتنع .. فلا بأس أبدا ، فليبحث عن التجمع الذي يناسب روحه وعقله ويحقق عن طريقه مراد الله من خلقه ..

المهم .. ألا يترك أحدنا نفسنا وحيدا في مهب عواصف و أنواء هذا الزمان العصيب ، وألا يغرق في رمال شهواته الفردية المتحركة في صحراء الذات المقفرة .

01‏/02‏/2013

مقتطفات 1 .... ثورة يوليو الأمريكية

في هذه السلسلة ، سأكتب أهم ما استخلصته من أهم الكتب التى منَّ أو يمنُّ أو سيمُنُّ اللهُ عليّ  بقراءتها ، و ذلك على هيئة نقاط سريعة لأثبت أفكاري و أستفيد منها مستقبلا و لتعميم الفائدة - و عساها تكون مفيدة فعلا - على قدر المستطاع بإذن الله .

1- الكتاب يقع في حوالي 640 صفحة من العيار الثقيل - كما و كيفا - ،  للكاتب الإسلامي القوي محمد جلال كشك ، و الذي قرأت له كتابين قبل هذا هما " و دخلت الخيلُ الأزهر " و " خواطر مسلم عن الجهاد و الأقليات و الأناجيل " .. و يمتاز الكاتب باعتدال المنهج و و بيان الحجة و قوة الأسلوب خاصة الأسلوب الساخر ،  و يحزنني أنه لم يحظَ بما يستحق من شهرة .
أنصح الجميع بالقراءة لهذا الكاتب العظيم .. و بالأخص هذا الكتاب الرائع الصادم .

2- أهدي هذا الكتاب لكل قارئ يريد أن يستوعب دروسا قوية في التاريخ و الجغرافيا و السياسة و كيف خُدعَت أمتنا و لُدغَت من نفس الجحور 1532 مرة ! ، و لكن بشرط أن يكون واسع الخيال و على استعداد للتحرر من القوالب القديمة و من التاريخ المزور الذي كنا ندرسه في مادة الدراسات الاجتماعية البغيضة و بالطبع ألا يكون من أصحاب النظرة السطحية ( يا إما أبيض يا إما أسود ) .

3- بالطبع إهداء خاص لأحبابنا الناصريين في كل زمكان
:))

4- نقطة مهمة جدا ستعين على فهم هذا الكتاب و أحداث أخرى ... عمالة النظم ليست كلها بالشكل الرخيص بأن يكون الرئيس جاسوسا يقبض من المخابرات المركزية الأمريكية ! .. فهذا شكل من مئات الأشكال من العمالة . أحيانا يكون الإهمال و الاستبداد أشد من العمالة ، و هناك الحماقة التى تجعل البعض يدارون لمصلحة القوى الكبرى و هم يظنون أنهم يخدمون بلادهم .

5- اسم الكتاب صادم و واضح جدا ، و هذه ميزة هامة .  وقبل التسرع في الحكم على الكاتب بـ " الأفورة " أو محاولة التشفي من عبد الناصر و الناصرية أعداء الحركة الإسلامية ، فأطمئنك بما ذكره الكاتب في مقدمة الكتاب من أنه رغم انحيازه للفكرة الإسلامية و ضد عبد الناصر و " انقلابه " و أفكاره و نتائج عصره ، إلا أن يلزم نفسه بألا يدلس أو تدفعه الكراهية إلى إلقاء الاتهامات جزافا ، كما أنه لا يروي أي قصة أو حدث إلا و معه دليله أو الوثائق الأكيدة .

6- فكرة الكتاب ببساطة .. أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945 و تغير موازين القوى في العالم ، و تعرض الاستعمار القديم ( انجلترا - فرنسا .. ) لضربات موجعة في هذه الحرب لم تنفذه من براثن النازية فيها إلا أمريكا و روسيا . فإن المستعمرات خاصة في منطقتنا العربية بدأت تتشجع للتخلص من الاستعمار ، و كان هناك نُذُر موجة عنيفة متسلسلة من الثورات الشعبية التى ستطيح بالاستعمار في كل مكان خاصة و قد خرجت الدول الاستعمارية من الحرب في حالة من الإنهاك الشديد ، و كان هذا كارثة كبرى على الدول العظمي جميعا بما فيها بالطبع الاستعمار القديم ، لأنها لا تخشى إلا من الحكومات الوطنية الثورية .
  و لذا كان الحل في تنظيم أو مساندة انقلابات عسكرية هنا و هناك تأتي إلى السلطة بمجموعات من العسكر لهم اتصالات بشكل ما بالقوى الكبرى ليتسلموا هم زمام الأمور من المستعمر و يديرون استبدادا استعماريا داخليا يقضون فيه على القوى الحية في الدول المتحررة و يربطون مصالح بلادهم في فلك الاستعمار .

7- بين الكاتب بوضوح كيف جاء انقلاب يوليو العسكري كجزء من الصراع الانجلو - أمريكي المستعر في ذلك الوقت ، حيث كانت أمريكا ترى أنها المنتصر الحقيقي في الحرب العالمية و أن الاستعمار القديم خاصة الانجلو - فرنسي ( راحت عليه )  و أنها الوريث الشرعي لنفوذ هذه الدول ( يعني من الآخر البلطجي القوي الجديد مستكتر اللي في ايد الشبيحة الصغيرين ) . و هذا يفسر الانقلابات العسكرية المتتابعة التى كانت تدبر في المستعمرات القديمة بإيعاز من أمريكا و تعاون بين المنقلبين و المخابرات الأمريكية ( و أحيانا كانت تقوم انقلابات مضادة عميلة للاستعمار ! .. ثم انقلابات أخرى في اتجاه أمريكا .. الخ و هكذا ! ) .
السفير الأمريكي في القاهرة إبان انقلاب يوليو 52 كان مهندس  أكثر من 30 انقلابا لمصلحة أمريكا في مختلف أنحاء العالم خاصة أمريكا الجنوبية !

8- كانت الحرب الباردة بين أمريكا و المعسكر الشيوعي بزعامة الاتحاد السوفييتي على أشدها ، و كانت أكثر ما يرعب أمريكا هو أن معظم بلدان الشرق الأوسط ظروفها مهيأة لثورات شيوعية ( خاصة في مصر ) بسبب سوء توزيع الموارد و انتشار الإقطاع و سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية على كل شئ .. ولذلك رأت أمريكا أن الحل هو امتصاص غضب الجماهير بثورات كاذبة محسوبة أبعادها بدقة ، و تفضل الانقلابات العسكرية الاستبدادية لتتولى باستبدادها تدمير القوى الوطنية الحقيقية في المجتمع التى يخشى منها في قيام ثورات وطنية ،  وهؤلاء المستبدون غير الديموقراطيين المعزولون عن شعوبهم يسهل احتواؤهم و إجبارهم على الإذعان لشروط الدول الكبرى و مصالحها .

9- كيف ساهمت أمريكا في نجاح انقلاب يوليو ؟

- كان هناك اتصالات مباشرة و غير مباشرة ( عن طريق عملائها كمصطفى أمين و هيكل ! ) بين المخابرات الأمريكية و بعض الضباط الأحرار خاصة جمال عبد الناصر ، و قد أثبتها الكاتب بالأدلة و الوثائق .
- منعت أمريكا بريطانيا من التدخل العسكري ضد الانقلاب ، و كانت بريطانيا تملك حوالي 80 ألف جندي في منطقة القناة ، و كان لديها خطة عسكرية جاهزة لاحتلال القاهرة و الأسكندرية في أية طوارئ ..  وقد ساهم هذا في إنجاح الانقلاب .
- بعد قرار تأميم قناة السويس في 26 / 7 / 1956 ( و الذي أشاد به الكاتب رغم ازدرائه لعبد الناصر ) ، نجحت الدبلوماسية الأمريكية في تعطيل بريطانيا وفرنسا ( أكثر المتضررين من التأميم ) في متاهات مجلس الأمن و الأمم المتحدة لمدة 3 أشهر .
- عندما حدث العدوان الثلاثي ( اسرائيل - انجلترا - فرنسا ) و انهار الجيش المصري في أقل من يومين بسبب تخبط قياداته ( صغار الضباط الفاشلون عسكريا )  و سُحق سلاح الجو المصري على أرض المطارات و تم تدمير بورسعيد الباسلة على رؤوس ساكنيها و مقاومتها الشعبية الباسلة ، لم ينقذ نظام عبد الناصر إلا الإنذار الأمريكي - السوفييتي المشترك ( تلاقت مصالح الضدين ضد الاستعمار القديم ) الذي اضطر بريطانيا للانسحاب الفوري دون قيد أو شرط خاصة- هددتها أمريكا بضرب مصالحها اقتصاديا و قطع البترول عنها و قامت الخزانة الأمريكية بتلاعبات مالية أدت إلى انهيار الجنيه الاسترليني - رغم احتلالها لبورسعيد و 20 ميلا جنوبها بطول القناة ... و كذلك ضغطت أمريكا على اسرائيل - لأول و آخر مرة تتضارب مصالحهما - للانسحاب من سيناء ، و تلكأت اسرائيل و انسحبت على مدار 5 شهور بعد أن انتزعت الحق في الملاحة في خليج العقبة و حق مرور سفن الدول الأخرى المتجهة للمواني الاسرائيلية عبر قناة السويس المؤممة ( كان حكومة الوفد أيام الملك قبل الانقلاب في 1950 قد أغلقت خليج العقبة في وجه ملاحة اسرائيل و ألزمت شركة قناة السويس الأنجلو - فرنسية بألا تمر السفن الاسرائيلية أو سفن الدول الأخرى المتجهة لها في قناة السويس !! ) .

10 - كيف استفادت أمريكا من انقلاب يوليو أو للدقة " أخذته لحم و رمته عضم " بعد انتهاء دوره بالنسبة لها ؟؟

- في مصر قام المنقلبون بتدمير و كنس كل القوى السياسية المناوئة لمصالح أمريكا بخيرها و شرها ( الليبرالية الوطنية كالوفد - الإخوان المسلمون - الشيوعيون .. ) و قام جمال عبد الناصر و جناحه بإزاحة معظم من شاركوه في الانقلاب و انفرد بالسلطة مستبدا .
- ساهمت زعامة مصر في وجدان الكثير من العرب بالتعاون مع المخابرات و الدبلوماسية الأمريكية في إجهاض خطط بريطانيا للعودة للمنطقة باستعمار " نيولوك " على هيئة حلف بغداد بين بريطانيا و الأنظمة الموالية لها ( باكستان - العراق - تركيا .. ) .
- ساعد نظام عبد الناصر في إخراج بريطانيا من المنطقة لصالح أمريكا بانقلابات و تحركات جماهيرية  ، و ضرب فرنسا بدعم الثورة الجزائرية .
- أنهك هذا النظام الغبي المستبد مصر في معارك جانبية خارج المعركة الرئيسية التى تخشاها أمريكا و هي الحرب مع اسرائيل ، مثل الصراعات الداخلية و التى استبعد فيها أهل الكفاءة في كل مكان لحساب أهل الثقة ، و الحرب العبثية في اليمن و التى استنزفت مصر على مدار ست سنوات ، و بذلك سهُل على أمريكا عن طريق حليفتها اسرائيل التى استعدت جيدا من 56 إلى 67 أن تنزل بمصر هزيمة 67 الساحقة التى لم تهزم مثلها منذ أن كتب أجدادنا على جدران المعابد ! . و بذلك صرفت أمريكا الجني الذي قام بتحضيره ! .

11- يبين الكاتب مدى قذارة الدعاية الناصرية الكاذبة في تهويل و تضخيم بعض المشروعات و الخطوات العادية جدا مثل بناء سد على النيل له منافعه و أضراره ( السد العالي ) أو صفقة السلاح السوفييتية .. الخ و كيف خدعوا الجماهير بالكلمات و الخطب الرنانة و الأوهام الحالمة .

12- في الكتاب العديد من المفاجآت .. منها على سبيل المثال لا الحصر برج القاهرة ، و الذي يثبت الكاتب أنه بني في 1959 بـ 3 ملايين دولار هدية من المخابرات المركزية الأمريكية !!!

13- يبين الكاتب بجلاء كيف أن الاستبداد و التعلق بالفرد هو كارثة كوارث أمتنا .

14- عذرا في الألفاظ .. تم " الحط " على المدعو هيكل ( رجل كل العصور و عميل أمريكا ) و " فشخه " في أفكاره فشخة التنين بكل الوسائل الفكرية في الكتاب و بما لا يخالف شرع الله في معظم الأحيان  :)))

15- اقرأوا الكتاب على ضمانتي يا جماعة ! .