10‏/06‏/2011

عن الليبرالية والإسلام (2) ................... الــلــــــــــــــــه

بداية ً .. هناك توضيحان هامـَّـان :


1- لا تقتصر السلسلة - كما قد يوحي اسمها - على الجدال الفكري ، إنما ستخوض بالطبع فى تطبيقات كل فكرة على أرض الواقع ، فخصيصا بعد الثورة  جاء وقت الأفعال والتطبيقات ولا وقت للإسراف فى الأقوال والتنظيرات .


2- هذه المرة وأنا سأتحدث عن الله سبحانه وتعالى من منطلق الحديث عن الليبرالية والإسلام ، فسأستبعد فئتين من الناس من الحديث لعدم مناسبته لهم :


- الملحدين الذين ينكرون وجود الله ! .
- المتشددين الذين يعتبرون رأيهم الخاص فى كل كبيرة وصغيرة هو رأي الله وينصبون أنفسهم متحدثين حصريين باسم رب العالمين .


كلا هذين التطرفين لاأرى أنه يمكن الوصول معهم على أرضية مشتركة إلا بإلزامهم قانونيا ومجتمعيا بعدم سب الأديان والمقدسات  ، وعدم رفع السلاح لحمل المجتمع على أهوائهم .... وإلا ..... فالمحاكم لهم بالمرصاد .
قد يمكن الحوار معهم ومناظرتهم ومجادلتهم ومراجعتهم فكريا .. لكن أتوقع - والله أعلم - أن أغلبهم لن يستجيب لأن نصيب العناد والإصرار لمجرد الإصرار فى أفكارهم كبير .


ندخل الآن إلى الموضوع ..... ونظرا لحبي الشديد للتنقيط فسألخص فكرتى فى 5 أسئلة بأجوبتها ، ولكن إلى من أوجه الأسئلة ؟؟؟


إلى كل من هو خارج الفئتين اللتين ذكرتهما فى البداية ! ... وبالأخص المسلمين ... ليس تمييزا ضد غير المسلمين ، وإنما لأنى سأتحدث عن الله جل فى علاه من المنظور الإسلامي .


س1 : لماذا خلقنا الله ؟؟؟؟؟؟


ج 1 : الإجابة المتوقعة ... لكي نعبده سبحانه وتعالى ...... " وما خلـَــقـْــتُ الجـِـنَّ والإنسَ إلا ليعبدون " .
بصياغة أخري : نحن فى اختبار وأمام ورقة أسئلة هي الدنيا بما فيها ... ولابد أن نحصل على أعلى الدرجات فيها لنرضى ربنا سبحانه وتعالي ، ولكي يتحقق هذا فلا بد أن نحسن إجابة كل نقطة فى الورقة كبرت أم صغرت قدر استطاعتنا بما يرضي الله ... قد نخطئ بغير عمد ، لكن لا يصح ترك سؤال كامل عمدا ، إذ أن هذا بمثابة الانتقاص من شأن الممتحن .


كلام بديهي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ... أعرف ! .... سامح الله من يجبروننا على إعادة اختراع العجلة ! .

احم ..... ماذا ؟؟؟؟ ..... لماذا خلقنا الله كي نعبدَه ؟؟؟؟ ....... الله أعلم ، هذا يتخطى سلطاتى ! .





س 2 : ما دخل الله بالسياسة ؟؟؟؟


ج2 : هي جزء لا يتجزأ من ورقة الامتحان الذى أعدَّهُ الله لنا ، وأرها سؤال جوهري ، لأن إجابة باقى الأسئلة بكفاءة تتوقف على مدى الكفاءة فى إجابة هذا السؤال .

تفاصيل كثيرة تركها لنا الله فى هذا المجال .... وعلينا أن نقتدى بما وصل غيرنا إليه فيها من وسائل ، لكن شيئين رئيسيين ألزمنا بالاتباع فيهما :  1-  الغاية من السياسة وروحها : وهو إرضاءه سبحانه وتعالى أولا وأخيرا ، وبالتالى اتخاذ الوسائل - قدر الإمكان - التى تليق بجلال الغاية .

2- الأخلاقيات : مخ السياسة الربـَّانية هما العدل والشوري ، والأصل فى السياسة الخارجية أن الله خلقنا مختلفين لنتعارف لا نتصارع ، أما إذا اضطررنا للصراع .. فنحن أهله والله معنا .


كلام بديهي ؟؟؟؟؟؟؟؟ .. أعرف ... لكننا فى عصر الشك وعدم اليقين .

س3 : هل الله لا يحب الليبرالية ويلعن الليبراليون ؟؟؟؟؟
ج3 : نشأت الليبرالية فى أوروبا مع نهاية العصور الوسطي المظلمة كرد فعلا على التسلط الكنـَـسي و الإقطاعي و الملكية المتجبرة ، ولذا فقد عـُنـِـيـَــت بالعلاقة بين الفرد والسلطة وكيف تحرير الفرد من تضييق السلطات عليه .لكنها أسرفت فى إبعاد السلطة الدينية حتى أبعدت الدين تماما من الواجهة ، وتاريخيا استأثرت الشعوب الأوروبية بالليبرالية والديموقراطية لبلدانها وشعوبها ، وتعامل مع شعوب العالم الأخري بالاستعباد والاستبداد و دعم الحكومات الفاسدة و الاحتلال و سرقة الموارد .... الخ .

فإذا كان مقصود الليبرالية هو التخلص من ظلم الإقطاعيين و الأغنياء وضمان العدالة الاجتماعية ، وكذلك وضع شكل متوازن للعلاقة بين الحكام والمحكومين يضمن للجميع الحقوق ويضع عليهم ااواجبات ، وكذلك منع ظهور حكم بالحق الإلهي يدعى فيه بعض البشر أن سلطتهم وقرارتهم من الله ولا يجوز الاعتراض عليها ........ فكل هذا يرضى الله سبحانه وتعالى عنه ، وكله من بديهيات الإسلام و ثوابته ، وحينها تكون هذه الليبرالية بهذا الوصف جزء من الإسلام .

أما رغبة كثير من الليبراليين  - من المسلمين - أن يبعدوا دينهم عن مسارات حياتهم بحجة التخلص من القيود و نيل الحرية ، فغير مقبول .
لقد منحنا الله حرية الاختيار بعقلنا و حق الاهتداء على بصيرة إلى دينه الحنيف ، لكن إذا ألزمنا أنفسنا بحمل تشريف وتكليف الانتساب إلى هذا الدين العظيم ، فعلينا أن نكون على قدر الأمانة ونعرف ما علينا من حقوق وما لنا من واجبات .

الخلاصة : ثوابت الإسلام و قواعده الراسخة وأخلاقياته المكينة واجبة الإيمان والتنفيذ على كل من قال : أنا مسلم ، فمن التزم بهذا مهما أطلق على نفسه من تسميات ، يرضى الله عنه ، ومن لا يلتزم بهذا ، فعلى حسب درجة عدم الالتزام ، يكون مقدار غضب الله عليه ... عافانا الله وإياكم .

س4 : هل هتاك متحدثين رسميين باسم الله سبحانه وتعالى ؟؟؟
ج4 : لا يحق لأي بشر أن يقول : الله يريد كذا ، أو سيغضب علينا إذا لم نفعل كذا ..... الخ ، إلا إذا كان معه نص من القرآن أو السنة صحيح الثبوت صريح المعنى لا يحتمل وجها آخر للتفسير ، أما فى حالة عدم وجود هذا ، فعلى المتكلم أن يقول : أعتقد من فهمي للنص الفلاني ، أن الله يقول كذا ، والله أعلم ..... إذا لم نستوعبْ هذه الحقيقة ، فنحن نكذب على الله ، ويزيد جرمنا إذا كنا نتحدث عن تفاصيل حياتية تركها الله سبحانه وتعالى عفوا - ما كان ربك نسيا- لعقولنا واجتهادنا ولم يرد فيها نصوص ، وادعى أحدنا أن رأيه فيها من الله وليس من نفسه .
ولا يحق أبدا لفصيل أو حماعة أو حزب أو جمعية ما ، أن يدعى لنفسه أن المتحدث الحصري باسم الله ، فالدين لنا جميعا وبنا جميعا .

س5 : هل " الدين لله والوطن للجميع " ؟؟؟؟
ج5 : هذه من أكثر الكلمات التى أراها تقع تحت باب : " كلمة حق يراد بها باطل " !

فهي كلمة حق يرضى عنها الله إذا كان مقصودها ألا يتم تمييز ما ضد مواطن بسبب دينه ، وأن يحرم من وظائف هو أهل لها طبقا للدستور والقانون و وامتلاك الكفاءة ، لمجرد أنه منتسب إلى غير دين الأغلبية ، وكذلك إذا كان مقصودها أن نتعايش جميعا مهما اختلفت أدياننا وأن نرعى الوطن جميعا باعتباره المشترك بيننا .... وهذا يكفينا قوله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لما يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " .

أما الباطل الذى يريده الكثيرون ممن يرددون هذه الجملة ، فهو أن الدين لله بمعنى علاقة بين الفرد وربه ليس لها اتصال بواقع الحياة ( لا أدرى كيف يمكن لمسلم متدين أن يؤمن بهذا المنطق ويقنع نفسه به ) فى الوطن ، وأيضا ادعاء البعض أن التدين يؤدى إلى التعصب وعدم التسامح و أن الأفضل عزله عن ساحة العمل العام فى الوطن .

الخلاصة : لسنا بحجة لاستبدال الليبرالية الغربية بالإسلام لكي نكون منصفين وعادلين مع غير المسلمين .
ختاما .. حفظ الله مصرنا وثورتها المباركة من كل سوء ، وجعل مصر رافعة للأمة العربية والإسلامية و رمزا لكل طالب حق وعدالة وحرية فى العالم .

وليكن منطلقنا جميعا فى كافة تفاصيل حياتنا هو إرضاء الله سبحانه وتعالي و أن يكون الحق نيتنا وغايتنا .... " ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه..

 "  .

ليست هناك تعليقات: