15‏/02‏/2011

المخطوفون !

غريبة يا مصر ... يا أرض العـَــجـَــبْ !! ... يا مهد الطرائفْ ..... يا أغرب بلدْ !   ( مع اعتذارى لوديع الصافى )

كعادة مصرنا الحبيبة على مدار تاريخها ، واعتيادها على إدهاش القاصى والدانى على مر الزمان بأحداثها الغريبة و الغير متوقعة بالمرة والتى أحيانا ما تثير الضحك حتى الاستلقاء على الأرض ، وأحيانا ما تثير ضحكا كالبكا بالكوميديا السوداء .

ولذا فعندما تحدث فى مصر ثورة - وهذا فى حد ذاته حدثا غريبا عجيبا عن طبيعة راسخة فى شعب مصر -  فمن الطبيعى جدا جدا أن تكون أغرب ثورة فى التاريخ الإنسانى ، وهذا ليس مبالغة منى أبدا - مع أننى أعشق المبالغة - ، لكنه الحقيقة .

هل بإمكان أحدكم أن يأتى لى من التاريخ بثورة تجمع الخصائص التالية  - وهي جزء من كل - ؟ :

( تلقائية غريبة - فجائية مستفزة - بدون أي شكل من أشكال القيادة الحقيقية والمنظمة - نصف العالم كانوا يعرفون موعد قيامها - لم يكن أحد يتصور أن ما يحدث هو ثورة .. لا النظام الحاكم ولا جميع مخابرات العالم ولا إبليس اللعين و لا جميع السحرة والمشعوذين والكهان وغزاة الفضاء والجن الأزرق فى المجرة ولا حتى من قاموا بالثورة كانوا يعرفون أنها ثورة ! - ثلاث أرباع المشاركين في أهم يوم فيها كانوا نازلين يتفرجوا أو زهقوا من القعدة فى البيت لما النت قطع ! أو دفعهم الفضول لما لقوا الحكومة واخداها جد أوى وبتقطع النت والاتصالات ومنزلة قوات الأمن بكامل جاهزيتها فى الشارع !  -  يفشل حوالى مليون عنصر أمنى نسبتهم واحد إلى 8 مع الثائرين ومعهم أوامر مفتوحة باستخدام معظم وسائل قمع التجمعات ، فى الوقوف أكتر من 3 ساعات أمام ثورة شعب لم يثر فى التاريخ كله إلا مرات تتعد على أصابع اليد الواحدة - تم تجريب كل وسائل إفساد الثورات التى توصل لها الإنس والجن ومع ذلك فشلت كلها بل إن بعضها أعطى نتائج عكسية وأشعل الثورة أكثر فأكثر ! والمفاجأة أن أغلب الشعب الثائر جاهل سياسيا !! ......... )

إلا أن أغرب ما فى ثورة مصر هي ظاهرة : المخطوفين !

أكاد أجزم أن 70% من الشعب المصري لا يدرون ما الذى حدث على وجه التحديد فى الفترة من 25 يناير إلى 11 فبراير !!

هما لقيوا ناس نازلة فى الشارع بتسب فى الحكومة والريس وفجأة عددهم زاد والأمن شبك فيهم ، وحصل ضرب وضحايا ، وفجأة  التلفزيون المصرى بيولول وبيقول إن فيه حالة فوضى وسلب ونهب فى مصر وإن وزارة الداخلية اختفت !! ،  فنزلوا يحموا بيوتهم ومحلاتهم من البلطجية اللى بيستغلوا الفرصة بالليل ، ولما صحيوا بالنهار لاقوا نفس الناس رجعت تهتف تانى وتسب فى النظام ولقوا دبابات الجيش مالية الشارع ! .....ايه ده !!  السيد الرئيس القائد طلع يتنازل ويوعد بإصلاحات ، ودول مصرين يعاندوا وينزلوا الشارع ويسبوا فى الراجل الطيب ويقولوه ارحل ! .. عالم طماعة !! ... واحتلوا ميدان التحرير .... هوبااااااااااا ايه ده !! عدد بتوع التحرير 2 مليون ... هوبااااااا  جمال و حمير ورصاص حي بيهاجمهم .... هوبااااااااا ده فيه ضحايا ..... هوبااااا أوباما بيقول لازم مبارك يمشى ! ..... هوباااااااا جمعة الرحيل .. أحد الشهداء .. فتنة .... ثلاثاء المليونية ... ثورة ... شباب 25 يناير ..... تامر بتاع غمرة ..... تامر حسنى انضرب فى التحرير ..... أجندات أجنبية ..... بيوزعوا كنتاكى و50 يورو فى التحرير ..... الجزيرة ما صدقت لقيت جنازة وبتشبع فيها لطم .....مؤامرة إيران وحزب الله وحماس و الاتحاد الأوروبى وأمريكا و الدولة العباسية على حكم مبارك ...... القبض على حبيب العادلى وبعض الوزراء  هييييييييييييييييييه ....... الإخوان ما بقوش محظورة وطلعوا فى التلفزيون المصرى !! ..... لجنة الحكماء ...... العيال بتوع المظاهرات مدربين فى تل أبيب  ومندسين ..... أبطال 25 يناير غيروا التاريخ !! ..... دم الشهداء لن يذهب هدرا ...... الريس هيتنحى !! ... هو فيه زعيم بيتنحى ؟؟؟؟ .... بيان عسكرى رقم 1 .... رقم 2 ..... جمعة الحسم ... جمعة التحدى .... جمعة الزحف ...... الريس اتنحى !!  ....... بيان رقم 3 - 4 - 5  هو في ايييييييييييييييييييييييييييييييييه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هؤلاء المخطوفون فى قلب الثورة  يمثلون شرائح عديدة ومتناقضة ، فمنهم الغارقون بامتياز فى دوامة لقمة العيش ، ومنهم المستريحون ماديا ( بغباء ) - اللهم لا حسد -  ، ومنهم أميون لا يعرفون كتابة أسمائهم ، ومنهم أساتذة جامعة مرموقون ......... لكن يجمع بين الجميع إحدى 3 خصال أو كلها :

1- انعدام أو أنيميا حادة فى الوعي السياسي والثقافة العامة .

2- الاعتقاد الجازم بأن السياسة رجس من عمل الشيطان وأن وظيفتها فى الحياة إرسال الناس إلى " ورا الشمس " .

3- انغماس غريب ومريب فى تفاصيل حياتهم اليومية وعدم محاولة تغيير روتين حياتهم إلا مرة كل قرنين .

والكارثة الكبرى أنهم يمثلون فعلا الأغلبية من المجتمع المصرى !

نحن مقبلون على حراك سياسى  و اقتصادى واجتماعى وثقافى غير مسبوق فى التاريخ المصرى منذ أن عرف البشر الكتابة ، وشهدت بلادنا ثورة ليس لها مثيل من كافة النواحى ، ومع ذلك فأغلب شعبنا ليس لديه خطة أو فكر بخصوص ما سيفعله فى الآتى ، بل إن الأغلبية منه لا تدرى معنى حراك ! ..... هذا مدمر فعلا ... فهذه الأغلبية الصامتة قد تـُـسَـيَّـر فى عهد الديموقراطية والانتخاب بأفكار مجموعات شيطانية إلى اتجاهات لا تخدم مصلحة مصر أبدا ، وقد يتمكن أباطرة الحزب الوطنى البائد من العودة باسم الديموقراطية إلى نفوذهم مستخدمين قوة رأس المال وخداع المصوِّتين فى المناطق الشعبية والريف على وجه الخصوص ، بواسطة الرشاوي الانتخابية أو الوعود بتوظيف أبنائهم ..... فالجهل السياسى الفظيع عندنا جعل وظيفة عضو مجلس الشعب أو الشورى فى أذهان البسطاء ، أن يقوم بتوظيف الأبناء أو تخليص المصالح أو الوساطة أو ...... بالإضافة إلى وظيفة هامة خاصة بالعضو نفسه ، وهو امتلاك النفوذ والحصانة الممكنة له من التكبر على عامة الناس و تغطية أنشطة النصب والنهب وإهدار المال العام والخاص التى يقوم بها !


أما فى البلاد المحترمة ، فعضو المجالس النيابية له وظيفتان أساسيتان لا ثالث لهما .. تشريع القوانين وتعديلها بما يناسب مصالح الشعب الحياتية ، والرقابة على الإجهزة التنفيذية كالوزارات  والهيئات والمصالح ، لضمان التزامها بخدمة الناس على أكمل وجه !


فتبا لهذا التفاوت بين فكرنا السياسي الضئيل الناجم عن تجهيل متعمد فى وسائل التعليم والإعلام ، وبين ما ينبغى أن نكون عليه بإذن الله للنهوض بالبلد .


مخاوفى لاحد لها من الأغلبية الصامتة التى لاتفهم ما يدور بالبلد فعلا ، وهاهي الأغلبية الصامتة تواصل إتحافنا بالمزيد من المشاكل والقلاقل .... فبمجرد تنحى مبارك ، انفجرت حمى التظاهر والاعتصام والإضراب فى صفوفها على اختلاف أماكن العمل !! .. الكل يريد زيادة مرتبه وتوظيف أبنائه و .. و ... و .... الخ ، وكل هذا المفروض أن يحدث الآن وفورا وبضغطة زر ! ..... مش العيال المتظاهرين شالوا الزعيم القائد بالمظاهرات فى 18 يوم بس ! ... يبقى المفروض نزود احنا فلوسنا ونحل كل مشاكلنا فى ساعتين !!


هذه الأغلبية الصامتة - للأسف الشديد - ينطبق عليها مقولة : يتبعون كل ناعق ، هؤلاء صدقوا إشاعات الكنتاكى ، والبارجات الأمريكية فى قناة السويس ، والقناصة الاسرائيليون على سطح مجمع التحرير ، والمؤامرة العالمية الكونية الشاملة قلب نظام الرئيس مبارك ، وصدقوا أيضا أن الثورة المصرية رائعة عندما غيرت الصحف القومية والتلفزيون المصرى آراءها ! .. وأن شباب 25 يناير أشرف شباب الدنيا .....الخ ، إن أكثرهم مع الصوت الأعلى لعدم وجود الرؤية الواضحة والفكر المستقل لغالبيتهم .


أتمنى أن تكون فكرتى قد اتضحت .... وأتمنى من كل مثقف أو من يمتلك الحد الكافى من الثقافة لمجابهة الحراك القادم ، أن يبحث عن ( المخطوفين ) فى الدائرة المحيطة به فى الدراسة أو البيت أو العمل أو الجيران ...الخ ، ويبدأ فى القيام بدوره فى توعيتهم وزيادة حصيلتهم الثقافية خاصة فى الشأن السياسي والاقتصادى و .. و .. الخ على قدر الاستطاعة ، وبالطبع لابد أن يكون للجمعيات الخيرية والأحزاب و النقابات والنوادى .... الخ دورا محوريا فى هذا الجانب .


ولابد أن نتذكر جيدا أنه فى ظل الديموقراطية ، فسيكون الصوت الانتخابى لعالم فى الفيزياء النووية = الصوت الانتخابى لعامل نظافة بسيط غير متعلم = الصوت الانتخابى لطالب فى ليسانس آداب = الصوت الانتخابى لطالب فى ثالثة صنايع = 1 


اللهم ارزقنا جميعا الوعي والحكمة والعقل ، وأعنا على النهوض بمصرنا إلى المكانة التى تستحقها .


12‏/02‏/2011

عندما قامت فى مصر ثورتان !

الله أكبر الله أكبر الله أكبر .. الله أكبر من كل سلطان .. الله فوق كل طاغية .. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا .

لا أكاد أصدق نفسى ... تاهت الفواصل بين الواقع والخيال ! .. سبحانك ربى لك فى خلقك شؤون ، لقد كان مجرى الحياة الطبيعية فى مصر متوقفا لسنين ، وإذ بأمواجه فى العشرين يوما الماضية تهدر بالعجائب والغرائب .... صدقونى لا أبالغ إن قلت أن هذه الثورة ذات العشرين يوما قلبت مسار تاريخ المنطقة العربية والإسلامية كلها بل والعالم ! .

من يصدق أن المشهد الراكد المتعفن فى الحياة المصرية سوف يشهد ثورتين ليس لهما مثيل ، إحداهما فى تلقائيتها وروعتها ونقائها و بساطتها وقوتها الناعمة ، والثانية فى إحكام إعدادها و تعقيداتها وقذارتها وحقارة من خططوا لها ومن قاموا بتنفيذها و من استخدموا قوتهم الباطشة لإنجاحها .

وشاء العلي العظيم أن تنتصر الأولى بفضله وكرمه نصرا مؤزرا رغم عدم وجود قيادة لها ورغم التلقائية الغريبة والفجائية المذهلة التى ظهرت فيها ، وشاء سبحانه وتعالى أن تنخذل الثانية انخذالا مدمرا ، وأن تكون عبرة لكل ظالم وكل طاغية فاسد النفس و شيطاني العقلية ، لكي يكون الحدث ككل شاهدا على مصداقية قوله تعالى : ويمكرون ويمكرُ الله والله خير الماكرين .

......... تريدون مزيدا من الإيضاح ؟؟؟ .. بالطبع ، ولكن لابد من خطوات قليلة إلى الوراء لكي نفهم ما حدث .

لقد استيقظ العالم  ، وبالأخص الركن العربي منه فى شهر يناير 2011 على وقع زلزال عنيف ومفاجئ وغير مسبوق - فى منطقتنا على الأقل -  ، وهو هروب طاغية تونس المتكبر المتجبر زين الهاربين بن على محتميا برفاقه فى الطغيان والفساد حكام السعودية ، الذين وفروا له الملاذ الآمن من شعبه الثائر الذى فاض به الكيل نتيجة استبداده وقمعه للحريات و تحويله الكثير من المناطق الداخلية إلى مناطق مهمشة من كاقة النواحي واستبداد أسرته وأصهاره بالسياسة والاقتصاد فى تونس و ..و ... و ..الخ ـ وفوجئ العالم بثبات وبسالة الشعب التونسى الذى صمد رغم إجرام أجهزة الأمن ( الفزع ) التونسية وانتهاكها كل المحرمات لقمع الثورة التى كان حرق المظلوم المهان محمد البوعزيزى لنفسه شرارتها والقشة التى قصمت ظهر النظام التونسي .

وأصبح النموذج التونسى مصدر إلهام وفخر وغبطة للعالم كله ومنه مصر ، لكننا جميعا فى الداخل والخارج أطلقنا الحكم النهائى بأنه ( مفيش فايدة منا ) وأن ( تونس فيها رجالة ، لكن احنا خـ ..... خنوعين ) وأن ( الشعب المصري ده أوسخ شعب فى العالم ) و أن ( مصر زي السفينة اللى بتغرق ولازم ننط منها جميعا ! ) ..... الخ ما يملكه قاموس السلبية والكآبة واليأس وأنيميا الإيمان من جمل وكلمات .

ولكن يشاء القدر أن يقترح بعض المتحمسين من شباب مصر المخلص أن نقوم بمظاهرات ومسيرات سلمية احتجاجية فى يوم 25 يناير ، فى ذكرى عيد الشرطة ، وتكون هذه التحركات تعبيرا عن ضيقنا من الأوضاع القائمة و تجبر وزارة الداخلية وأجهزتها علىنا و ..و ...الخ ، ولم يخطر ببال أكبر المتحمسين والحالمين والخياليين أن يستجيب أكثر من مائة ألف مصرى وينزلون للشارع فى يوم الثلاثاء المجيد 25 يناير منهم 50 ألفا فى ميدان التحرير فى قلب القاهرة ! ، وأن يكون هذا إرهاصا بقيام ثورة من أرقى وأجمل وأروع وأهم الثورات فى تاريخ الإنسانية ... ولم يدُم صبر نظام القمع طويلا واشتبك مع الناس لفض جموعهم فقتل منهم وجرح واختطف ، خاصة فى مدينة السويس التى ألهبتها دماء الشهداء وفجرت روح التحدى والمقاومة الأكتوبرية فى أبنائها فنزلوا إلى الشوارع وواجهوا عصابات الفزع المركزي والشرطة السرية و ...و ... الخ بكل شجاعة وبسالة ، فدفعت أحداث الثلاثاء إلى إعلان بعض نشطاء الفيسبوك عن جعل الجمعة التالية 28 يناير يوما للغضب على ما حدث ، وخلال اليومين السابقين عليها استمرت المواجهة خاصة فى السويس ، وواصلت وزارة الداخلية حربها الضروس على الشعب المصرى ، وأعلنت القوى السياسية التحاقها بركب الثورة التى هلت بشائرها ..... وجاءت جمعة الغضب ! .

اندفعت جموع المصريين من المساجد فى كافة أنحاء مصر ، فى مشهد عبقري ، لم يفسده قطع النظام المتخبط للاتصالات المحمولة وشبكة الانترنت منذ صباح الجمعة ، بل على العكس ! .... لقد زاد المشهد التهابا ووفر للكثير من الشباب الوقت والفضول لمعرفة ما يحدث ، فالتهبت شوارع مصر بأكثر من 6 ملايين من المتظاهرين ينادون بسقوط النظام الغاشم كله والحزب الحاكم المستبد المزور ، ولم يفلح الدعس و الحرق والترويع والرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع ....الخ فى ردع المتظاهرين عن هدفهم ، وسقط الشهداء والمصابون بالمئات ،  فكانت النتيجة أن خلع الشعب المصرى رداء الخضوع والخوف والاستهانة وأظهر معدنه النفيس ، وواجه عصابات الداخلية المجرمة ، فلم تغرب شمس هذا اليوم إلا وقد كسرت ذراع النظام المصري الملعونة الباطشة ، وسيطر المتظاهرون على الشارع المصري ، ورقدت على رأس كل شارع وفى كل ميدان مدرعة محروقة لقوات الفزع المركزي خاصة فى القاهرة والأسكندرية اللتين شهدتا قمة ما وصلت إليه الداخلية من إجرام ، وأحرقت الجموع الغاضبة المقر العام لتجمع السلابين والنهابين والمزورين وأرباب النصب والإجرام " الحزب الوطنى الديموقراطى " فى ميدان التحرير بالقاهرة .

وكانت الحصيلة لهذا اليوم هي استشهاد المئات من أبناء مصر الذين خرجوا ينادون بالحق ، وتدمير معظم أقسام الشرطة خاصة فى القاهرة و الأسكندرية ، وكذلك بعض مقار المحافظات ومديريات الأمن ومقرات فزع ( أمن ) الدولة ...الخ ، واضطر النظام المصدوم إلى استدعاء الجيش المصري ليضبط الأوضاع ويعيد للدولة سيطرتها .

وانتظر الجميع خطابا للرئيس مبارك ، فجاء بعد طول تأخير وبعد منتصف الليل مخيبا للآمال .... فقد فهم - أو أفهم نفسه - أن الهتاف الرئيس للمتظاهرين : الشعب يريد إسقاط النظام ، معناه إسقاط الحكومة التى ملـَّــكها رقاب الناس سنينا !

عامة مايهمنا هنا أن جمعة الغضب أكدت بما لايدع مجالا للشك أن ما يحدث هو ثورة شعبية مصرية ، وأكد الأسبوعان التاليان هذا ، خصوصا وقد توجا بجمعة الحسم التى أعلن رسميا بعدها تنحى مبارك وانتهاء عصره وعصر لصوص الحزب الوطنى وترحيله إلى مزبلة التاريخ .

ولكن هل يسكت طيور الظلام ؟؟؟؟ وهل تخضع منظمة الفساد المالى والسياسى والثقافى والأمنى بدون مقاومة ؟؟ بالطبع لا ... فقد أعلنوا ثورتهم المضادة والتى جهزوا سيناريوهاتها من قديم رغم اقتناعهم بأنه لن يأتى اليوم الذى يحتاجون فيه إليها ، فـ ( الشعب تحت السيطرة ) و ( سياسات تقزيم مصر و تدجين شعبها ماشية تمام التمام ) و ( كل قيادة أو تنظيم أو حزب يظهر أية علامة معارضة حقيقية للنظام يتم إرساله فورا فى بعثة إجرامية إلى ورا الشمس ) ...... ولكن أتى هذا اليوم المشئوم - لهم - ، والميمون لمصر وشعبها ، ولابد من وضع الخطط قيد التنفيذ .

قررت الداخلية الانتقام من الشعب ، وإذهاله عن الثورة ، وكل ذلك وفق خطة مدروسة ، فسحبت كل المتسبين لها من كاافة أنحاء البلاد حتى من ليس لهم علاقة بالصراع مع النظام ، مثل المرور وحراسات المولات التجارية ...الخ ، بالتزامن مع فتح بعض السجون وإخراج المساجين وتسليحهم ، وحرق بعض المبانى الهامة ومنها بعض مقار الشرطة والأمن !! والمولات التجارية ..الخ ، وبث الإشاعات عبر الإعلام الرسمي بأن البلد دخلت فى حالة عارمة من الفوضى والسلب والنهب ، وكل ذلك لإرسال رسالة إلى الشعب المصرى مفادها : ( ماتتطمعش يا حلو ، وكان أحسن لك ترى بالاستقرار والأمن " الزائفين " الذين نوفرهما لك ، ولا تطلب المزيد مثل الحرية والديموقراطية والكرامة والكلام الفارغ ده ) وبالفعل سرت حالة من التوتر والفزع فى صفوف المصريين وهرعوا إلى الشوارع ولكن بالليل لحراسة منازلهم وأماكن أكل عيشهم من بلطجية منتظرون ، وأشاع عناصر الثورة المضادة الشائعات المفزعة بين الناس ، وذلك لتهرهيبهم إلى الحد الأقصى ، ولنزع فكرة الثورة من عقولهم وتسهيرهم حتى الصباح فى الشوارع ، فلا يقوون على مواصلة الاحتجاجات بالنهار ، ولتتسرب إلى نفوسهم فكرة أن المظاهرات ( خربتها ) و ( إن اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش ) و ( إن الطمع يقل ما جمع !!! ) .
وللأسف نجحت هذه الثورة المضادة نسبيا ، خاصة بعد خطاب مبارك الثانى الذى أعده كما يبدو ، خبراء نفسيون وأمنيون مجرمون يدرسون الشعب المصري جيدا وبعرفون نقاط ضعفه أكترمن نفسه ، وبالفعل انخدع الكثيرين باللا منطق وببعض الجمل العاطفية التى احتواها الخطاب ، وكاد الشارع  أن ينقلب تماما على الثورة ، لكن تهور الثورة المضادة جعل تدميرها فى تدبيرها ، وذهبت الجهود السابقة لهم أدراج الرياح تحت سنابك الخيل والجمال التى هاجموا بها المعتصمون الثائرون فى ميدان التحرير لمحاولة القضاء على آخر معاقل الثورة فى ذلك الوقت ، و يشاء الله سبحانه وتعالى أن ينتصر الثوار رغم الـ 2000 إصابة وعشرات الشهداء ، وأن يفيق الشعب على صدمة أن الألاعيب القذرة مازالت رائجة السوق فى مصر ، فبدأ الشعب المصرى يعرف أنه لا سبيل إلا مواصلة الطريق الذى بدأه ، وبدأ اعتصام التحرير فى الاتساع ، وعادت شوارع مصر تلتهب بالمحتجين من جديد ، حتى أعلن عن تنحي مبارك بينما الملايين الغاضبة تهتف ضده وضد نظامه فى كافة أنحاء مصر .

وهكذا انتصرت ثورة الحق على ثورة الباطل ، وأبى الله إلا أن يتم نوره رغم أنف المبطلين .
وفي هذا عبرة ، بأنه مهما كان التدبير محكما ومدروسا ومتقنا وشيطانيا ، فإنه يكون هباء منثورا إذا شاء الله ذلك ، وقد يحوله الله إلى تدمير عاجل لمدبره ، فكل ما فعلته الثورة المضادة وإن أحدث نجاحا أوليا ، انقلب عليها .
فاللجان الشعبية - على عكس ما أرادوا - أكسبت شعب مصر ثقة فى نفسه وإحساسا بأنه يستطيع أن يدير البلد ويحميها من غدر الداخلية ، خاصة وقد بلغ الإجرام بالداخلية أن سربت بعض عناصرها الإجرامية و بلطجيتها لإحداث الفوضى المصطنعة . وتم القبض علي بعضهم بالتعاون مع الجيش .
وخطة ترهيب معتصمى التحرير ، باءت بالفشل و حولت الرأي العام مع الثورة من جديد بعد أن فطن الجميع إلى أن وعود النظام الوردية خادعة وزائفة وأنه لايتورع عن ذبحنا للبقاء فى السلطة .
وخطابات الرئيس - أهم عناصر الثورة المضادة فى رأيى - كلها أثبتت أن التوقيت عنده متأخر لأيام ، وهذا التأخير أفقدها قوتها وفاعليتها ، وكما أن عناد الرئيس ومماطلته فى تنفيذ المطالب الشعبية والذى كان هدفه إملال الشعب المصري لكي يفقد الأمل فى الثورة ، قد زاد الناس عنادا ، وقوى تلاحمهم وتوحدهم حول هدفهم . 

وختاما .. أبارك لشعب مصر على نجاح ثورة الحق ، ولله الحمد من قبل ومن بعد .

05‏/02‏/2011

ثورة مصر .... إيجابيات وسلبيات

بدايةً .. أحمد الله سبحانه وتعالى أن أنعم علي بنعمة الوجود ، ورزقنى العمر الممدود ، حتى أشاهد هذا الحدث الغير مسبوق فى تاريخ مصر !

وأحمد الله كثيرا أنها لم تكن مشاهدة من الخارج فحسب ، وإنما مـَـنَّ الله عليّ بالمشاركة - مع تقصير شديد بالطبع - فى صياغة هذه الثورة المباركة .

من يصدق أن شعب مصر - الذى راهن العدو والحبيب على أنه مات وشبع موتا ، وأنه لم يعـُـدْ هناك من رجاءٍ فيه للقيام من رقدته - سينتفض من تحت غبار السنين والذل المكين ، ليلقن طغاة مصر وجبابرتها ، بل طغاة العالم على مر الزمان والمكان ، درسا لن ينسوه فى أنهم مهما مكروا بشعوبهم فالله خير الماكرين من فوقهم ، ومطلع على أعمالهم ، وأنه قادر على أن يسحق بأيدى الضعفاء المسحوقين بنيانَ الظلم الراسخ وأن يلهم الجماهير المستكينة إلى تنفس الصباح .

ببساطة .. العالم قبل 25 يناير 2011 ، غير العالم بعده ، .... آاااااااااااه  ... العالم !  مش مصر بس .. وهي مصر شوية ؟؟؟؟؟؟

والآن ... ندخل فى الموضوع ! .

سأعدد فى الآتى 10 إيجابيات و10 سلبيات ظهرت فى هذه الثورة المصرية ، طبعا القائمة فى الناحيتين لا تنتهى ، ولذلك فسأكتفى بالأهم فى نظرى ، والله أعلم .

أولا : الإيجابيات : 

1-     أظهرت الثورة جزءا قليلا من قوة الإسلام الحقيقية ، فمن كان بإمكانه أن يحشد هذه الملايين التى نزلت إلى الشوارع ، خاصة فى جمعة الغضب ، لولا صلاة الجمعة وقوة الحشد الإيمانية والعددية الرائعة لها ، وكذلك حديث نبوي صحيح واحد  هو : ( أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) ، كان ملهما لمئات الآلاف ممن شاركوا فى هذه الثورة المباركة .
ومشهد الآلاف المؤلفة فى الصلاة فى الشوارع خلال المظاهرات هو أعظم ما رأت عينى ، وأحسن شعور أحسست به فى حياتى هو فى الجماعات التى صليتها على أسفلت شارع البحر أمام مبنى المحافظة ، ولن أنسى أبدا صلاة العصر التى أديناها تحت الأمطار حينما غـُـبـِّـرَتْ جباهـُـنا بطين مصر الطيب فى سجودنا ، ولن أنسى كذلك من افترشوا علم مصر كسجادة للصلاة ، وصدق من قال : حب الأوطان من الإيمان .
وأعتقد أن كل مستبد من حكام العرب والمسلمين سيرتعد 52 مرة على الأقل فى العام الواحد بإذن الله .

هل شاهدت فيديو عربة الأمن المركزي التى تهاجم المصلين على الكوبرى بخراطيم المياه ، وهم لايبالون بها ويكملون صلاتهم ؟؟؟؟

2-     درس للطغاة جميعا ، أنه مهما خططوا وهيأوا الظروف لإماتة شعوبهم ، فالثورة آتية آتية رغم أنوفهم ، ورغم أنوف أسيادهم فى واشنطن أو موسكو أو تل أبيب أو .. أو ..الخ ، فمهما مـُدَّ للظالمين ، فالأصل فى دورة الحياة أنها لابد أن تجدد شبابها من هـِــرَم الفساد والاستبداد والطغيان كل حين .

3-     أهمية مصر للمنطقة وللعالم هي أهمية قصوى ، فبلد بهذه القوة السكانية والمواردية وهذا الموقع الاستراتيجي الفذ ، لابد أن يسيطر عليه سيطرة ذكية ، لا تسمح بحعله قوة عظمى تنافس أقوياء العالم ونضيق عليهم ، ولا جعلهم ضعيفا متهالكا لدرجة الفوضى التامة ، وإلا فعلى العالم العودة إلى الطرق التجارية الخاصة بالعصور الوسطى ، وعليه أن يتعايش مع سعر خيالي لبرميل البترول ...... وأنا واثق – والله أعلم – أن حكام الدول الكبري لا ينامون الليل منتظرين ما ستؤول إليه الأوضاع فى مصر ، فمصر قوية ديموقراطية تعنى شرقا أوسطا قويا ، وتعنى انهيارا للكثير من مشاريع الظلم والاستعمار .

4-     25 يناير 2011 هو بمنتهى الصدق ، بداية العد التنازلي الفعلي لزوال دولة إسرائيل ! وأنا لا أبالغ ، فمصر إذا نجحت ثورتها بإذن الله واكتمل التغييرالديمواقراطي المؤسسي فيها ، ستكون قد خرجت من تحت عباءة التخدير الأمريكية والاسرائيلية ، وعلى اسرائيل أن تنتظر من جهة مصر المصيبة تلو الأخرى والتى أعتقد أن أولها بإذن الله اضطرار اسرائيل لتأجيل انقضاضها الوحشي الجديد على غزة ، وآخرها بإذن الله دخول جيش التحرير المصري مع غيره من جيوش الشرفاء من كافة أرجاء أمتنا إلى القدس الشريف .

5-     اللجان الشعبية التى سهرت طوال الليل تحرس مصر بعد تبخر وزارة الداخلية بعد جمعة الغضب ، أثبتت أن شباب مصر لم تمت روحه بالكامل رغم استحكام السلبية واللامبالاة ، ورغم طوفان الإفساد الخلقى وتفاهة وقذارة وسائل الإعلام ، ورغم جو القهر والاستبداد الذى يترعرع فيه شباب مصر سواء فى المنزل ، أو العمل - إن وُجـِد - أو المجتمع .
لقد أظهرت هذه اللجان ، وبالأخص فى الأيام الأولى من الفوضى ، أن شباب مصر به طاقات مـُخدَّرة من العزيمة والتصميم والابتكار والتعاون والروح والوطنية والانتماء .. يكفيك مثال بسيطا حركة المرور التى نظمها المتطوعون بمنتهى السلاسة والدقة ودون دفاتر أو ( معلوم ) ...الخ ! .

6- أظهرت الثورة من هم أبناء مصر الشرفاء الحقيقيون الذين هم على استعداد للمخاطرة وللتضحية بكل ما يملكون من أموال أو شهرة أو نفوذ ..الخ  ، سواء من علماء الدين أو المفكرين أو الحقوقيين أو الأدباء أو الشعراء أو حتى الممثلين ، فتحية لهؤلاء . خاصة من افترشوا الأرض فى ميدان التحرير فى وسط شباب الثورة الباسل .

7-  أثبتت الأحداث أن مصر فعلا مفاجئة ، وانقلاباتها سريعة جدا ، وأسرع مما نتخيل جميعا ، ولذا فمهما ساءت فيها الأوضاع ، فلا تبتئس يا عزيزى ، فشمسها قد تبزع فجأة فى منتصف الليل قبل أن يتأهب الفجر البطئ فى إسفارِه دائما ! .

8- لاتحرش فى الثورة ! ... من يصدق أن شباب مصر وصبيانها الذين اعتادوا ممارسة كافة أشكال التحرش فى فتيات مصر وشاباتها بل ونسائها ، بمجرد توافر التجمع المناسب لذلك أو حتى عدم توافره . ومشاهد حدائق مصر ومتنزهاتها وشوارعها فى الأعياد - ومنها الأعياد الدينية كالفطر والأضحى - المؤسفة ، توضح هذه الظاهرة .
ولكن مع اندلاع هذه الثورة العظيمة ، ورغم احتشاد مئات الآلاف فى الشوارع رجالا ونساء ، ورغم ( الرحرحة ) الغير مبررة فى ملابس الكثير من البنات ، فالتحرش ولله الحمد معدوم .
ببساطة ، كلما امتلأت حياة الإنسان بالمفيد والجديد ، ووجد لها معنى ، كلما قل انسياقه للرغبات الدنيئة .

9- نزلت أخبار الثورة كالصاعقة على الأوغاد من حكامنا العرب ، فالنظام المصري بالنسبة لهم كان القدوة فى الهيمنة على شعبه ، وكان يمثل الأستاذ فى الاستبداد وكان يتباهى عليهم بالاستقرار الرهييييب الذى يسببه فى مصر وبرضاء السادة فى أوروبا وأمريكا واسرائيل عنه ، ولذا سارعوا إلى تهدئة شعوبهم أو تخديرها بإصلاحات الله أعلم بمصداقيتها ، والأيام ستصدق ذلك أو تكذبه ، وأحذرهم ، فالتفاعل المتسلسل بدأ ولن ينتهي بإذن الله .

10- أثبتت الأحداث أن الشباب المصري كان بحاجة عاجلة لمشروع كبير يكسب حياته قيمة ، وبالفعل لما توحد الشباب فى مشروع إسقاط النظام المستبد ، ظهرت طاقاتهم الرائعة وتبينت قيمة وجود المشروع الوطنى الشامل ، فأرجو الله أن يديم على مصرنا نعمة المشاريع القومية الكبري ، وأتمنى أن الله أن يعود تحرير الأقصى إلى قائمة هذه المشاريع الملهمة الكبرى . وخلصنا الله من الظروف التى جعلت من مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر ، معركةَ الجزائر الكبري التى تحتشد لها الأمة المصرية كاملة !

ثانيا السلبيات : 

1- أظهرت الثورة أن مصر بها منظومة فساد متكاملة نستطيع أن نقول أنها الأشد والأفتك فى العالم ، وتشمل علماء سلطان و صحفيون كاذبون منافقون و إعلاميون مضللون و رجال أعمال فاسدون يجمعون بين السلطة والثورة كأقذر ما يكون السـِّـفاح بينهما ، وسياسيون مأجورون و حزب حاكم عبارة عن تجمع لأصحاب المصالح الشخصية والرغبات الدنئية يسيطر على كافة مناحي الحياة فى مصر و .. و ... الخ .
أعاننا الله على التخلص منها .

2- أظهرت الثورة عيبا خطيرا فى الشعب المصرى ، وهو الانسياق العاطفى والذى يرجع إلى ندرة استخدام العقل ، وإلى تغييب الوعي فى وسائل التعليم والإعلام ، وأبسط مثال على ذلك هو الانخداع الغريب بخطاب الرئيس يوم الثلاثاء والذى لو فكر فيه أحدنا لنصف دقيقة لتبين أنه عديم الجدوي والمعنى ويستخدم أسلوبا رخيصا فى خداع البسطاء ، ومع ذلك فقد اغرورقت أعين الكثيرين بالدموع وأخذوا يصيحون : عاش الرئيس والقائد والأب ...الخ .. بل وصلت الوقاحة بالبعض إلى حد أن قالوا : ( احنا كنا ظالمين الراجل ده ، احنا آسفين ياريس ، انت طلعت كويس ، احنا عايزينك تحكمنا لحد ما تموت لاقدر الله ! ) ..... أمثالكم يستحقون أن يحكمهم وهو فى القبر .... اتفوخس ! 

ولعل هذا أحد الفروق بيننا وبين تونس ، الذين وعدهم رئيسهم بأضعاف أضعاف ما وعدنا به رئيسنا ، إلا أن وعيهم كشف المحاولة وأصروا على موقفهم حتى ( خلع ) .

3- هناك الكثيرين ممن يستخدمون الإسلام لخدمة العروش الظالمة ، صدقونى أقذر شعور أشعر به عندما أجد أحدهم يبرر الظلم والطغيان والسكوت عنهما باسم الإسلام الذى جاء لتحرير البشرية كلها من العبودية ! ... كل أنواع العبودية وأشدها فى رأيى الاستبداد الداخلي للحكام على الشعوب .

4- أثبتت أن التعليم فى مصر وبال ، وأن الأمية فى جوانب كثير قد تكون أرحم من هذا التعليم المسمم الفاسد ، أبسط شئ أن صورة الرئيس التى تملأ الصفوف الدراسية والمكاتب وأغلفة الكتب الدراسية بجانب موضوعات المديح له ولعبقريته وإنجازاته قد سممت اللاوعي عندنا بفكرة تقديسه وأنه لا غبار عليه وأنه فوق المساءلة .

5- وزارة الداخلية ... لا أدرى هل أتحدث عن دهسها للمتظاهرين بالنهار أو تسليمها مصر للصوص والبلطجية فى المساء ؟!! ... أم أعود إلى الوراء قليلا لأتحدث عن قهرها للناس و( شيلهم من ع الأرض شيل ) فى أقسام الشرطة ، أم أتحدث عن سجونها ، أم جهاز مباحث فزع الدولة سئ الصيت ، أم .... أم ..... الخ .

6- التليفزيون المصرى ... إجرامه فى تغطية الأحداث جدير بتخصيص هذه النقطة له ، وضيوفه الموقرين كشفوا الأجندات الخارجية ، والذين أحبطوا - بالتعاون مع قنوات رجال الأعمال الخاصة - وكشفوا المؤامرة الكونية العالمية الصهيونية الإيرانية الحمساوية الأمريكية الإسبانية الأوروبية والآسيوية على الرئيس مبارك .
اتفوخس على التليفزيون الذى يذيع مقتطفات كارتونية عصر يوم الجمعة وشعبه يخوض معركة الحرية ضد وزارة الداخلية المتوحشة فى شوارع وميادين و جسور البلد .

ولايفوتنا أن نحيي الموسيقار عمار الشريعى على رأيه الصريح الذى قاله فى التلفزيون المصري .

7- كشفت الأحداث وجود الملايين من المنتفعين والمنافقين والكذابين والمفسدين والأوغاد فى مصر ، وأن الكثيرين قد بنوا مصالحهم على أساس بقاء النظام الفاسد ، وأن هؤلاء لاسقف لخيالهم الإجرامي ، وما الجمال والحمير التى هاجمت ميدان التحرير منا ببعيد .

8- مصر تحتوى فعلا قنبلة نووية موقوتة تسمى العشوائيات ، وسكان هذه العشوائيات الذين أنهكهم غياب التنشئة الدينية وانتشار الجهل والفقر والجريمة وإهمال السلطان لهم ، هم خطر مدمر على مصر ، ولابد من أي نظام مصري ينشد الإصلاح والرقي بمصر أن يحل مشكلة العشوائيات والمناطق الشعبية حلا نهائيا متينا .

9- أثبتت الأحداث أن الجيل السابق على جيلنا ، جيل آبائنا وأمهاتنا ، لارجاء فيه - إلا من رحم ربك - ، فقد شبع هذا الجيل من أطعمة الاستبداد والقمع والسلبية واللامبالاة ، وأبسط مثال : الملايين من الآباء والأمهات قصيري الأفق الذين حرموا أبناءهم وبناتهم من المشاركة فى هذه الثورة البطولية بحجة الخوف عليهم !! على أساس أن بقاء النظام الفاسد هو الأمان الحقيقي !!
ومثال آخر : ذلك الرجل الخمسينى الذى قال لى بعد صلاة العشاء فى المسجد يوم الأربعاء بعد هجوم الجمال والحمير على التحرير ، بمنتهى الصفاقة : ( المفروض يدوسوا الشباب القذر البايظ ده بالدبابات مش بالحمير ) ، وعندما قلت له بالحرف : ( الله يسامحك ) وصليت السنة وغادرت المسجد ، قال لوالدى بعدها : ( ابنك شتمنى ! ) و عاتب أبى على أنه ( ماعرفش يربينى ) ......... أنا حقا أعترض .

10- الرئيس مبارك : شيخوخة فى الفكروالعقلية + تأخر مريب فى التعاطى مع المتغيرات والتفاعل مع الأحداث + أساليب رخيصة فى الضحك على الشعب العاطفي المسكين + سياسات مدمرة على كافة المجالات جعلتنا أكبر مستورد للقمح فى العالم وجعلتنا نصدر الغاز لعدونا اسرائيل بثلث ثمنه + فساد للركب فى نظامه وحزبه +اقتصاد هش ينهار فى أيام + ... + ..... + ....الخ .

ببساطة أسوأ رئيس عدى عليكى يامصر فى العصر الحديث على الأقل .

وكما قال تميم البرغوثي : 

عمل مسوجر وسفلي شغل تل أبيب.

وشغل أمريكا متغلف وختمه عليه..

ضيف زارنا ياعم من غير دعوة .. لابس بيه.

قعد 30 سنة مايقولش قاعد ليه