17‏/01‏/2011

زين الهاربين !! ... ودرس تونس


هههههههههه أحلى تريقة قرأتها فى حياتى : زين الهاربين بن على !

بمجرد أن علمت خبر أن الرئيس التونسى خـُــلـِــعَ و ( خـَـلـَــعَ ) إلى الخارج ، حتى شعرت بشعور غريب جدا ، لكننى أحبه جدا جدا ، هو شعور أنه فى كثير من الأحيان يكون الواقع أحلى من الخيال ملايين المرات ! .

لقد شهدنا أعزائى - بنى الأمة العربية و الإسلامية - فى الأيام الماضية حدثا يصعب تكراره فى واقعنا ويندر فى تاريخنا ، أن يقف شعب على قلب رجل واحد فى وجه نظامه المستبد ويجبر الديكتاتور على الظهور فى خطاب تلفزيوني مباشر وهو كسير النفس كاسف البال ، يود لو تتيح له الأقدار أن ( يحب على ايد شعبه ! ) ويقول له : ( عمو عمو عمو .. ممكن ما تخلعونيش ؟؟ ) ، وتتسارع الأحداث وفى اليوم التالى يفر و بعض أركان حكمه الغاشم إلى الخارج يتسولون بلاد العالمين أن تتقبلهم فى أرضها ، فـ ( تباصيهم Pass ! ) كل بلد إلى الأخرى ، حتى مالطا !!!!!! رفضتهم ، وقطر !! أعلنت احترامها لقرار الشعب التونسى فى طردهم ! ، ( ما كانش ناقص غير جيبوتى .. مع كامل احترامى للجيبوتيين ! ) .


والآن نظرة تاريخية سريعة ......

لم يكد يمر عهد الخلفاء الراشدين ، ويبدأ عهد المُلـك العضوض الذى يتنازع عليه الناس بالسيف والمال ، حتى انحرف مسار الحكم والسياسة فى أمتنا الإسلامية عن المسار الذى ينبغى بأمة الإسلام .. خير أمة أخرجت للناس .


 وتذبذب التاريخ الإسلامي بين عصور غاية فى القوة والعدل ، وعصور غاية فى الذل والمهانة ( وأكيد احنا شايفين ده بعيننا ! ) مرورا بكل الدرجات الوسيطة بينهما ، وكان السبب فى ذلك هو غياب هيكل للدولة أو منظومة لحياة الأمة تضمن ألا تنحرف الحكومات عن مسار المبادئ والقيم الإسلامية فى هذا المجال ، وأولها العدل والشورى وكفاءة الحاكم ورضا الناس به و اتخاذ الأمة لكل سبل القوة لحماية نفسها ... الخ ، فكان على الأمة فى الكثير من فترات الظلم أن تنتظر حتى يأتى الحاكم العادل ( من داخل نفسه ) والذى يطبق الشورى ( دون أجبار من قانون أو هيئة حاكمة ) فيصلح ما أفسدته الحكومات السابقة ، ولكن بمجرد وفاة هذا الحاكم العادل ، تضع الأمة يدها على قلبها ، لأن القادم لا علم به إلا الله .

صلاح الدين الأيوبي محرر القدس وواحد من أعظم الحكام المسلمين على مدار التاريخ ، لما توفى تنازع ولداه الحكم لمدة 9 سنين عمت فيها الفوضى مصر والشام حتى ( ركنهما ) عمهما العادل وتولى الحكم ( وقعَّدهما جنب ماما ) ! .

تاريخ يمضى ولكن تبقى الدروس، والأهم : أن يوجد من يستفيد منها ، وجاء عصرنا الحالي وتطور الإنسانية فى كثير من المجالات ، ومنها ما أوجده التقدم الإنسانى من نظام حكم متطور ينتشر فى بلاد أوروبا وأمريكا وبلاد أخرى ، وهو نظام مؤسسي بديع يقوم على التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهيكل إداري غاية فى النظام ، وأساس الحكم أن الأمة هي مصدر السلطات ، فالحاكم - بالبلدى - موظف عند الشعب ، وله الحق فى استبداله إذا لم يؤدِ ما عليه جيدا .


ولمنع حدوث الفتن بين الراغبين فى الحكم ، تم جعل صندوق الاقتراع الفيصل بين المتنافسين ، وعلى الكل احترام النتائج ، وإذا أخل أحد الأطراف بهذا ، فالشعب مستعد للنزول إلى الشارع وقسره على احترام اختياره .


وبالطبع لم يأتِ كل هذا من السماء من الأمطار ، أو ( ناموا فصحيوا لقوه ) ! ، وإنما قرون من التضحيات والدماء والتجارب المريرة ، والحاجة أم الاختراع .


ولكن كعادة الغرب المادي الذى لا يعرف إلا مصالحه ، فإنه عندما استعمر بلادنا ، تعمد أن ينسى كل جميل فى نظامه ومبادئه ، وألا يجلب إلينا إلا وجهه القبيح ، فحلب مواردنا حلبا وقمع أجدادنا الذى قاوموه بالثورات ، وعندما أنهكته الحرب العالمية الثانية ، وقرر أن يترك لبلادنا حريتنا ، فإنه قرر أن يترك وراءه أذنابا أشد وبيلا ، واحتلالا داخليا ممثلا فى حكام طغاة ضعاف الدين والانتماء إلى أوطانهم - إلا من رحم ربك وقليل ما هم - واكتفى بالاحتلال السياسي والاقتصادى والثقافى ، بدلا من العسكري الباهظ التكاليف .
وكل هذا ليتمكن الغرب من سيادة العالم كما يشاء ، ومواصلة حلب مواردنا وثراوتنا ، وجعلنا أسواقا ضخمة لفائض إنتاجه الغزير من خاماتنا الرخيصة .


وهكذا ذهبت - فى الدنيا لا عند الله - الدماء الذكية التى سقطت فداء الجهاد والتحرير سديً ، ودخلت الأمة العربية والإسلامية كلها تقريبا فى زمن من الطغيان والممارسات السياسية الشكلية وانتخابات الـ 99.9999999% والقمع وكبت الحريات و السجن الحربي و ( ورا الشمس ) ، وزين الهاربين - أو زين المجرمين .. سمه ما شئت - مثال على ذلك . بدلا من عصر من النهضة والحرية والوحدة يرضى الله ورسولَه والمؤمنين ، ويعيد هذه الأمة الوسط إلى قيادة العالم كما ينبغى .


وظن أولئك الحكام عباد السلطة الغارقين فى شهوتها حتى النخاع ، أن روح شعوبهم قد ماتت بطول القمع والطغيان ، وبممارسات ديموقراطية هزلية ، لكن أتى زلزال تونس من حيث لا يحتسبون هم ومن وراءهم .


ولكن هل يترك زين الحاقدين شعبـَـهُ يهنأْ بانتصاره العظيم ؟؟؟؟ ، لا اااااااا بالطبع ، فأوصى زبانيته والمنتفعين من حكمه الذين أطلقوا الرصاص على شعبهم إبان الاحتجاجات ، أن يحرقوا البلاد والعباد ويدخلوا البلاد فى الفوضى التى تمكنهم من تدمير أدلة جرائمهم البشعة فى السجون والمؤسسات السياسية والاقتصادية ، وتشويه الثورة المباركة ، ومحاولة عمل ما يشبه ثورة مضادة على الخيار الوطنى .


لكن أثبت الشعب التونسى الحبيب مرة أخرى أنه بالمرصاد ، وتكاتف الجميع وكونوا لجانا شعبية لحماية ديارهم ومصالحهم من النهابين والسلابين من مجرمى الحرس الرئاسي المتنكرين أو من اللصوص الذين أطلقوهم من السجون ، وشاء الله أن يكافأهم برفض الجيش أوامر الطاغية بسحق الثورة الشعبية ، وتعاونه مع الجماهير فى ردع الظالمين والقبض على الكثير من أركان النظام الذين حاولوا الفرار .
وعودة إلى زين الهاربين ...!


هل كان يتصور منذ شهرين أن يؤول به الحال إلى الخروج من بلده هاربا ذليلا تلفظه كل البلاد حتى من عاش لها ( دلدولا ) مخلصا ، أعلنته وأقاربه غير مرحب بهم على أرضها ..... وكذلك أخـْـذُ ربـِّــكَ إذا أخذَ القرى وهي ظالمةٌ إنَّ أخـْــذَهُ أليمٌ شديدْ .


ولم يجد ملجأ إلا فى السعودية ، ليحنو الطغاة على الطاغية ! .


وختاما ، سأوضح بعض ما أريد على هيئة سؤال وجواب .


س : ماذا أقصد من الفقرات التى تنازلت فيها بعدا تاريخيا فى هذا المقال ؟؟؟


ج : كل ما أرمي إليه هو أن نأخذ من وسائل التغيير السلمى للسلطة فى الغرب ، ومن هياكل إدارة الدولة المتقدمة عندهم ، ونضيف إليها روح الإسلام ومبادئه وأهدافه ومقاصده فى الدارين ، فينتج لنا الدولة الإسلامية التى نحلم بها جميعا ، فهذا هو الكفيل بالحفاظ على كل تقدم نحققه فى هذا الجانب ، وأن نتعلم من دروس الواقع والتاريخ خير التعلم  ، وأن تكون أمتى أمة وثابة مبادرة قادرة على تحمى حقوقها وأن تنتزعها انتزاعا إذا لزم الأمر  ........ ببساطة يؤلمنى و ( يحرق دمى ودم اللى خلفونى ) أن أسمع مسلما يرفض ما حدث فى تونس ويقول أنه خروج على الحاكم وفتنة وفساد فى الأرض يرفضه الإسلام ، وأنه لابد أن تترك الأمة الحاكم الظالم ولو جلد الظهر ونهب المال خوفا من الفتنة !!! ، كأن 23 عاما من الفساد والظلم وآلاف المعتقلين والشهداء كثيرا عليها 150 شهيدا وشهر أو اثنين من الفوضى كضريبة دم وكثمن للحرية ! .... والله العظيم ربح البيع يا أهل تونس ، فحافظوا على صفقتكم واحذروا من لصوص الفرح .


يصيبنى بالمرارة الفادحة أن يسوغ أحد ما السكوت على المظالم باسم الإسلام الذى حوت نصوصه آلاف الأدلة على حرمانية الظلم وضرورة دفعه لتحقيق فريضة العدل .... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وخير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، والحاكم الجائر الذى يكمم الأفواه عن جهاد أخطائه ويغلق الآذان عن سماع شكوى الناس ، يتحمل مسئولية أن تنطق اليد بما عجر عنه الكلام ويتحمل النتائج كمسئول أول عن كل المصائب .


س : نفهم أنك تدعو إلى الخروج على الحكام ؟


ج : بالطبع لا أدعو إلى حماقات باسم دفع الظلم ، مثلما فعلت الجماعات الإسلامية المسلحة فى مصر مثلا من تفجيرات عشوائية واضطرابات أضرت بقضية الأمة والشعب المصرى ولم تنفعها وأسالت دماء حراما ، وإنما أدعو إلى حساب المصالح والمفاسد كما علمنا الإسلام ، وأدعو أولا باستنفاذ كل الوسائل الأٌل عنفا للتغيير ودفع الظلم ، حقنا للدماء ، ولذا فأدعو الحكومات فى بلادنا جميعا أن يفتحوا لنا أبوابا للتغيير السلمي الهادئ ، لأنهم كلما ( قطعوا الميه والهوا ) كلما دفعونا دفعا للعنف ، ودورة العنف ليست مأمونة وليست ظروف كل البلدان كتونس ، فإذا أصروا على المضي فى غيهم ، فلا يعجبوا إن فوجئوا بشرارة صغيرة تشعل مكنونات فى صدور شعوبهم فيندلع بركان لا يعلم بكيفية وزمان انخماده إلا الله ، وعليهم حينها أن يكونوا متأهبين بحقائبهم ، ويستحسنوا أن يكون من القادرين على قيادة الطائرات ، لأن ( بعض الطيارين بيرفضوا الإقلاع بطائراتهم فى أوقات وحشة أوى ومحرجة جدا جدا !!! ) ، وكذلك يكون لديهم مكانا مناسبا فى جدة !! 


س : ما أول ما خطر ببالـِك عندما سمعت بخبر ( الخلـَـعون بتاع زين الهاربين ) ؟؟؟


ج : وما كان لهُ من فـِـئـَــةٍ ينصرونه من دونِ اللهِ وما كانَ مُــنْـتـَـصِـرا 


س: هل لديك رسالة توجهها إلى الحكام العرب ؟؟؟


ج : وقل اعملوا فسيرى الله عملـَـكـُم ورسولـُهُ والمؤمنونْ ........ 


س : ماذا تحتاجُ هذه الأمة  بشكل عاجل ؟؟


ج : هذه الأمة المظلومة والظالمة نفسها فى آن واحد ، تحتاج حكاما من عينة القائل : إن أحسنت فأعينونى وإن أسأْتُ فقوِّمونى .. أطيعونى ما أطعتُ الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة َ لى عليكـُـمْ .


س: وماذا تقول لزين الهاربين ؟؟


ج : إذا شاء الله ونـِلـْـتَ ما تستحق فى محاكمة عادلة من شعبِك فى هذه الدنيا ، فسأسعد جدا ولاشك ، وإذا نجحت فى مواصلة الفرار ، فلن تفر من الموت أبدا ، وستموت ورقبتك ( مدلدلة ) من كثرة ما تعلق بها من حقوق البلاد والعباد ، وحينها تكون من المقصودين بقوله تعالى : ( ولا تحسبنَّ اللهَ غافلاً عما يعملُ الظالمونَ إنـَّـما يؤخرُهُــمْ ليومٍ تشخصُ فيه الأبصار ) . وهذا سيسعدنى جدا جدا جدا جدا .


فاعتبروا يا أولى الأبصار .




هناك تعليق واحد: