28‏/03‏/2011

نعمة القرن الخامس عشر .. الحمد لله

ولدت بعد 1409 عام من معجزة غار ثور الذى احتضن الدعوة الإسلامية ممثلة فى شخص نبيها ورفيقه الصديق و جعله الله مسرحا لنجاتهما من المطاردين المشركين ... وكان هذا إبذانا بتغير تاريخ البشرية جمعاء إلى الأبد ، وكان نجاح الهجرة المباركة القطرة الأولى فى سيل المد الإسلامي العظيم الذى اجتاح ركود العالم و حطم سدود الاستبداد القيصري والكسروي فى سنوات عجيبات معدودات .

وما إن تفتحت عيناي على الدنيا ، وتسمـَّعت أذناي لقصص البطولات و الروائع فى تاريخنا ، حتى تعلـَّـق قلبي البرئ بحب التاريخ خاصة تاريخ الأمة الإسلامية .

ولما كبرت و زاد قراءاتى فى هذا المجال ، وتبين لي مدى ثراء هذا التاريخ بالأحداث والأشخاص والتقلبات المذهلة من الضد للضد ، زاد إعجابي به ، وزاد نقمي عليه أيضا ....... حيث اعتصر قلبى حزنا فكرة أن عصر ماجد كعصر الخلفاء الراشدين الذى قدم للبشرية جمعاء أسمى صور الحكم الإنساني ممثلا فى الحكم العمري ، لم يدُم إلا سنينا قلائل ، ثم جرت على أمتنا الإسلامية قوانين الحياة البشرية و سنن التقلب الزمكاني ، وأسلمت قيادها للمتجبرين المورثين إياها لأبنائهم من أنصاف الرجال .... والخلاصة المريرة أن الاستبداد السياسي قد أطفأ كثيرا من وهج الإسلام فى الواقع الإنساني ، وتكاثر كالصدأ الأجرب على معدن حضارتنا الإسلامية الزاهرة حتى طمسها تماما ، و صارت أمتنا فى القرنين الفائتين بالتحديد كالكلأ المباح لكل من هبَّ ودبَّ ، و تلخـَّـص تاريخها الحديث فى استعمار أجنبى أعقبه استعمار داخلي أشد منه وبيلا وأظلم قيلا .

ووجدتنى فى هذا القرن الخامس عشر الهجري وأنا أذرف الدموع دما على حال هذه الأمة ، وأناجي ربى فى كل لجظة تقريبا .... لـِـمَ يارب ابتليتنى بالوجود فى هذا الزمان الكئيب الذى يحمل لأمتنا ألف جرح و جرح ؟؟ .. ماأشده من ابتلاء !! .... لـمَ لم تجعلنى تاجرا فى سوق المدينة فى الحقبة العمرية ، أو ورَّاقا ( بائع كتب ) أمام دار الحكمة فى بغداد ، أو صاحب حلقة للدرس فى جامع قرطبة العظيم ، أو جنديا فى جيش صلاح الدين ، أو مملوكا فى عين جالوت أو مهندس مدفعية على أبواب القسطنطينية مع محمد الفاتح .... أو ... أو ... أو ..الخ ، وكالعادة تنتهى المناجاة باستغفار لله ، وترديد الدعاء الشهير : ( اللهم إنى لا أسألك رد القضاء ، ولكن أسألك اللطف فيه ! ) .

واعترتنى نوازع الاكتئاب كلما فكرت فى حاضرنا ، وعصفت بروحي أعاصير الذعر عندما أفكر فى المستقبل .... وظل هذا الحال حتى يوم الـ 14 يناير .. يوم هروب طاغية تونس بن علي فرارا من هبة شعب تونس البطل .... هذا الحدث الجلل صدمنى أروع صدمة صدمتها فى حياتى .... وأنعش قلبي الكسير ، لكن قطع انتعاشتى صوت كئيب ينوح : ( بس انسى مصر يا حبـُّــوب ! ، الشعب التونسى غيرنا ، دول رجالة بجد ودمهم حامى ، إنما احنا مش رجالة ... احنا آخر الواحد فينا يبقى دكر بس ، لكن راجل لا .... احنا شعبنا يحب يذله الفرعون وعمره ما هيثور أبدا أبدا أبدا !! .... انسى يا طـِــعـِــم يا نايتى ! ) .

لكن أخزي الله هذا الصوت ، وحدثت ثورة مصر العظيمة ، وحقق الله سبحانه وتعالى بنا أهم أهدافها ( غصب عن العالم و النظام الفاسد و غصب عنا احنا كمان ! ) و تنحى مبارك .

( مصر ثارت يا ولاد ! ) .... ( مصر قامت ! ) ...... قلب الأمة الذى سكن طويلا عادت إليه ارتعاشة الحياة و عاد إلى النبض من جديد ! ... إذن فلتقم أيها الجسد العربي الواهن ، ولتنهض أيها الجسد الإسلامي المترهل .

وبدأت أحمد الله على نعمة القرن الخامس الهجري الذى يبدو أنه سبحانه وتعالى قد  اختاره ليشهد المد الإٍسلامي الثانى الذى سيهرس الاستبداد السياسي تحت قدميه هرسا ،  معيدا الشعوب العربية كلها والشعوب الإسلامي إلى معادلة الحكم فى بلادها بعد أن اختلت بوجود الحكام المستبدين والسادة الأجانب فقط ، وباعثا الروح فى فريضة الشوري المغيبة بنفخة مباركة من الديموقراطية الانتخابية  ، و مجددا شباب الأمة بنسيم الحرية و العدل الذى يتبختر و يتأنق وهو ينتشر فى رئتها التى سوَّدتها عوادم الظلم و الفساد و التجبر و التسلطن و الفرعنة و التوريث . و

لقد بدأ التفاعل المتسلسل ولن يتوقف بإذن الله إلا بسقوط كافة الأصنام الحاكمة فى طول بلادنا وعرضها .

وأرى أن جيلى هو أسعد أجيال أمتنا حظا ، لأنه رأي قمة فساد الأمة وانحدارها ، وسيريه الله بإذنه بداية الرقي والصعود ، ولأن : ( بضدها تتميز الأشياء ) ، فجيلنا أكثر جيل سيشعر بعنى الحرية و العدل و الرقي و المجد و البعث والإحياء .

الحمد لله على نعمة الخامس عشر الهجري ! .

ليست هناك تعليقات: