20‏/11‏/2011

ليس بالعواطف وحدها تنتصر الثورات !

تابعنا جميعا أحداث التحرير المؤسفة التى نجمت عن قيام السلطة مباركية الفكرة بفض اعتصام محدود ( 200 شخص ) بالقوة المفرطة ، مما نجم عنه تداعى الناس و شباب الثورة لحماية المعتصمين و مواجهة الداخلية حتى لا تظن أن الشعب قد أسلمها قفاه من جديد .


و بالفعل استعادت الجماهير الميدان و ردت الشرطة على أعقابها ، و كل من فى الميدان الآن فى حماسة شديدة و يشعرون بأنهم فى أجواء 28 يناير و أنه آن الأوان لقيام الثورة الثانية ..




و رغم أنى ضد الاعتصام ،  وكنت أرى أن مليونية 18 نوفمبر كانت كافية لإيصال رسالتنا بأن يسلموا السلطة دون إبطاء و بألايتلاعبوا بمستقبل مصر -  مع التهديد بالتصعيد فى حالة عدم الاستجابة - ، إلا أن فض الاعتصام - و إن كان محدودا - بالقوة هو تصرف حقير لا يـُـسكت عنه أبدا ، و لذا فأنا أعذر كل العذر من نزلوا لنجدة المعتصمين و تصدوا للشرطة ، و أتفهم جدا إحراقهم لمدرعة الشرطة التى كانت تعتدى عليهم .


لكن هناك 10 حقائق أراها لابد أن يضعها الجميع نصب أعينهم ، فمصر فى منعطف خطير يحتاج منا توازنا صعبا بين العقل و العاطفة ، فالحماسة وحدها و الانفعال لن يبنيا مصر التى نريدها ، و تاريخ الدنيا و الثورات أمامنا فلنتعلم منه ...


1: نجاح ثورة مصر فى إقامة دولة مدنية ديموقراطية قوية ليس حلما لشعبها فقط ، إنما هو أمل أمتنا العربية و الإسلامية ، ولذا فعلينا أن نضع هذه الحقيقة فى قلوبنا و عقولنا فى كل تحرك لنا فى سبيل هذه الثورة .. لابد أن نكون على قدر هذه المسئولية و الأمانة الجسيمة .


2- لن ننتصر بالعواطف النبيلة و الحماسة المشتعلة و فقط ، لا بد من حساب عقلى دقيق قبل الانتقال للخطوات الحاسمة و للاختيارات العنيفة ..


3- قبل أن نتحدث عن ثورة كاملة كما حدث فى يناير و فبراير علينا ان نسأل أنفسنا السؤال التالي ... هل ما زال بإمكاننا أن نحشد عامة الشعب المصري حولنا أم لا ؟؟ .. إذا كانت الإجابة لا .. فأدعوكم لتذكر ما حدث عندما انفض الناس حولنا بعد خطاب مبارك  و بقى فى الميدان عدة آلاف ! ... لقد كادت الثورة أن تسقط لولا غباء النظام ... فهل نضمن دائما وجود غباء ما منهم يعيد الناس حول الثوار ؟؟


4- نقطة هامة أخرى بالنسبة لعامة الناس ، إنهم و إن اتفقوا معنا على أهدافنا ، و إن نزلوا بالملايين ضد مبارك ، لكن الجيش بالنسبة لهم بالفعل خط أحمر .. فعندما ندعوهم للنزول لإسقاط المجلس العسكري الآن و فورا ، سيتهمنا أغلبهم بالسذاجة و بأننا نريد تدمير مصر لأنه ببساطة لا بديل ! ... جميل البدائل المطروحة لا يفهمها الناس - مثل المجلس الرئاسي المدني مثلا - ، و لا يفهمون من أين ستمتلك القوة و المال لإدارة البلد و تسديد مرتبات الشعب ! ....... أليس فى هذا الكلام منطق ؟؟


5- ثورة ثانية فى هذا البلد المنهك أساسا لن تمر بروعة الثورة السابقة و بخسائرها المحدودة ، إذن فقرار الثورة هذه المرة لا ينبغى أن يكون ارتجالا عفويا حماسيا ، فى المرة السابقة كان هناك حليفا قويا للدكتاتور باعه و أقاله للحفاظ على مصالحه و على مصر من تطور الأمور .. كيف سنحسم هذه المرة ؟؟؟


6- الانتقال إلى آخر الحلول و أقواها مرة واحدة هو كارثة كبري ، خاصة فى الصراعات الحاسمة ، فهو يفقدنا ميزة تنوع الحلول ، و التهديد بالتصعيد الذى يكون فى أحيان كثيرة أقوى على السلطة من التصعيد ذاته .


7- تعطيل بعض الثوار للانتخابات القادمة فى القاهرة بعد 8 أيام ، أو محاولتهم التقليل من أهميتها ، هو من باب أن نطعن أنفسنا بخنجرنا .. كما أنه قد يفتح المجال للبعض ليتحدثوا عن أن بعض الخائفين من الديموقراطية يحرضون على هذا لإفساد الانتخابات .


8- الانتخابات الحالية هي مظاهرة ثورية كبري .. تخيل عندما ينزل الملايين للتصويت لأول مرة بشكل نزيه و يقفون فى الطوابير بالساعات للإدلاء بأصواتهم ... أليس هذا تذكير للناس بقيمة الثورة و بتغيير أكيد أحدثته فى حياتنا ؟؟ .. تخيل أنك دعوت بعدها للنزول من أجل تسليم السلطة و حتى لا يعود الاستبداد .. ألن ينزل معك من ذاقوا حلاوة الثورة ؟؟


9- الانتخابات لها فائدة مركبة للثورة .... إذا زوروها ، يصبح لدينا منطقا قويا أمام عامة شعبنا للدخول فى معركة تكسير عظام ضد المجلس الفاسد .. و إذا لم يزوروها ، فالبرلمان سيكون غالبيته لقوى الثورة  بإذن الله ، و سنسقط مع شعبنا الفلول و حزب الوغد و المصريين التيييييييييت .. الخ ، و تكتسب الثورة شرعية منتخبة ، و يصبح لديها بديلا منتخبا للعسكر المباركي هم ممثلو الشعب ، فأذا اصطدمنا بالعسكر حينها فلدينا بديل انتخبه الشعب بنفسه .......... ملحوظة : من يخشى من الشعب أن ينتخب الفلول ، فلا يتوقع منه أن يكسب شرعية لمجلس رئاسي مدني يريده !


10- اتقوا الله فى الإخوان المسلمين و غيرهم من قوى الثورة المتمسكون بالانتخابات ، فلهم منطق قوي جدا جدا ، و اعتبروا أنكم و إياهم على ثغرة من ثغور مصر فلا تؤتى الثورة من قـِـبـَــل أيٍّ منكم .... لا تحتكروا الحق وحدكم ! .. و انظروا كيف حسدنا تونس إنها أنجحت انتخاباتها رغم وجود أغلب المشاكل التى هي عندنا الآن هناك ...


اللهم احفظ مصر و خلصنا من العسكر خلاص خير ، و ارزقنا رئيس منتخبا فى أبريل 2012 ..

ليست هناك تعليقات: