17‏/01‏/2009

الشبهة الرابعة : حماس تنفذ مشروعا إيرانيا خبيثا فى المنطقة !





أولا وقبل أي كلام ، لابد أن نحيى الصمود البطولى لرجال المقاومة الفلسطينية فى غزة فى مواجهة العدوان الصهيونى المدمر ، ولابد ان نظهر كل الإعجاب والتقدير لعزيمتهم الصادقة وثباتهم أمام أعنف و أحقر قصف فى التاريخ ، ونشكرهم على الخسائر الفادحة التى ألحقوها بالعدو الصهيونى جنودا ودبابات بل ومروحيات وطائرات ، ونشكرهم على منحنا الفرصة لكى نرى الرعب والهلع فى عيون الصهاينة المغتصبين فى جنوب الكيان الصهيونى بصواريخهم المصنوعة فى البيوت والورش اليدوية ، فقد صنعوا بأقل الإمكانيات ، ما عجزت جيوش الدول العربية أن تفعله طوال ستين عاما منذ نشأة هذا الكيان الغاصب ، فندعو الله أن يسدد رميهم وأن يثبتهم على الجهاد رغم خذلان القريب والبعيد .
أما بالنسبة لموضوع هذا المقال ، وهو ادعاء البعض أن حماس هى أحد أذرع إيران التى تنفذ بها مخططاتها الخبيثة فى المنطقة ، بل وصل البعض إلى حد تسمية حركة حماس - التى تنتهج النهج الإخوانى السنى - بشيعة فلسطين !! .
وصراحة أنا لا أعرف من يأتى هؤلاء بتلك الوقاحة السافرة لكى يقولوا هذا الكلام ! ، هل دعم هؤلاء حكومة حماس المنتخبة وساعدوها لكى تطعم الشعب الفلسطينى و تعلمه ةتدافع عنه ، قبل أن يقولوا مثل هذا الكلام المستفز ؟! .
لقد حققت حركة حماس نجاحا كاسحا فى الانتخابات التشريعية مطلع 2006 ، وذلك نظرا لثقة الشعب الفلسطينى بها ورغبتهم فى التخلص من الفساد الذى انتشر فى السلطة الفلسطينية ، والتخلص من الطابور الخامس الذى يتآمر على مصالحهم لحساب الصهاينة والأمريكان ولحساب المصالح الخاصة وأرصدة بنوك سويسرا ! ، وبعد هذا النجاح صار من حق حماس أن تشكل الحكومة الفلسطينية التى تتولى شئون الشعب الفلسطينى وترعى مصالحه ، وفى نفس الوقت تنمى قدرات المقاومة الباسلة على ردع العدوان الاسرائيلى .
لكن هذا لايرضى الكثير من الحكام العرب الذين لايعترفون بالشورى والانتخاب كوسائل للوصول إلى الحكم ، كما أنهم لابد وأن يسيروا على نهج أسيادهمن الأمريكان والصهاينة فى القضاء على كل روح للمقاومة والجهاد ، فمابالنا بحكومة مقاومة شريفة ؟! ، ولذا تخلى هؤلاء المتخاذلون عن حكومة حماس وساهموا فى الحصار الخانق الذى فرضه العالم كله على حكومة حماس مدعين أنها حكومة إرهابية ! .
بحثت حكومة حماس عن من يمد لها يد العون لإنقاذ الشعب الفلسطينى بعد خذلان العرب لها ، فلم تجد سوى إيران ، وقد أكد قادة حماس أن إيران قدمت لهم المساعدات المادية وغيرها بدون أن تطلب منهم مقابلا لذلك ، فما الضرر فى الاستعانة بدولة مسلمة مثل إيران ؟ .
يتحدث الكثيرون عن مشروعات إيرانية مجهولة فى المنطقة العربية ، وللأسف فإن هذا الكلام له بعض الشواهد من الواقع ، خاصة فى العراق واشتباه تورط إيران فى الكثير من أعمال القتل العبثية فى العراق تحت بند الحرب الطائفية وضمان مصالحها الاقتصادية وانتقاما من الشعب العراقى بسبب الحرب العراقية الإيرانية 80 إلى 1988 ، ويقول هؤلاء إن إيران تدعم المقاومة من أجل أن تعطل اسرائيل وتكبدها أكبر خسائر ممكنة ، وهذا يتيح الفرصة لها لكى تكمل مشروعاتها النووية وبناء ترسانتها العسكرية والصاروخية ، وهذا إن صح ،فإنه يحسب لجكومة إيران أنها تعرف من عدوها على وجه الدقة ، بل وتبدأ الدفاع عن أرضها وشعبها على بعد آلاف الكيلومترات من إيران ، وفى نفس الوقت تدعم مقاومة ً مشروعة ضد الاحتلال ، فى حين أن الحكومات العربية بالبلدى كده فى الطراوة ، وكل همها هو تثبيت حكمها وطغيانها على شعوبها المسكينة ، فى حين تترك الجيش الاسرائيلى يعيث فسادا فى أرض فلسطين الطاهرة ، على بعد أمتار من حدود تلك الدول العربية !! ، كأن الشعوب العربية وروح المقاومة هى الخطر الداهم فى نظر تلك الحكومات الجاهلة الغافلة ، أما الكيان المغتصب الصهيونى فهو الحمل الوديع الذى لابد من رعايته !
إننى - ورغم توجسى من بعض طموحات إيران فى المنطقة ومن بعض العقائد الخبيثة التى تنسب للمذهب الشيعى مثل التقية وغيرها .. - فإنى لا يمكننى أن أخفى إعجابى بقدراتها على الإبداع العسكى ومحاولتها الدءوبة لتكون فى مصاف الدول الكبرى فى المنطقة ، واعتمادها الرائع على إمكانياتها الذاتية فى كثير من شئونها وتسليح جيشها ، وكذلك وقفتها الندية فى وجه اسرائيل ، ودعمها للمقاومة اللبنانية متمثلة فى حزب الله ( من كافة النواحى ) ، وكذلك دعمها المادى والمعنوى - وبعض الدعم العسكرى كذلك - للمقاومة الإسلامية والوطنية فى غزة ( وعلى رأسها حماس ) فى حين أن الدول العربية ومنها للأسف الشديد مصر ، لايبدو أنها تعير هذه الأمور بعضا من الاهتمام ، بل ومن الظاهر أنها لاتريد لهذه المقاومة الباسلة أن تترقى وتقوى - فمابالنا بأن تحكم !! - بل ويبدو أنها تقف منها - ولو فى الخفاء - موقف العداء أو على الأقل الإهمال والخذلان ، وكل هذا جريمة كبرى ، فى حق الله والإسلام والمقاومة والحق ، بل وأمن مصر القومى ومصالحها الاستراتيجية ! .
فى ظل تهتك الموقف الرسمى العربى وفى مقدمته الموقف المصرى الهزيل ، وفى ظل انشغال النظم العربية بطغيانها وتجبرها واستبدادها وتوريثها ! ، فإن الساحة فى المنطقة العربية ستكون فارغة أمام أطراف أخرى - غير عربية !! - لكى تقوم بأدوار فاعلة فيها ، مثل تركيا وإيران وغيرها ... ، وهذا بالطبع إلى جانب الأثر الهائل لحركات المقاومة الشعبية مثل حزب الله وحركة حماس والفصائل الوطنية الشريفة فى مسار المنطقة ، خاصة بعد أن طورت هذه الحركات من قدراتها على المقاومة والصمود فى وجه العدوان الصهيوصليبى على منطقتنا العربية ، وذلك بالطبع لم يكن ليحدث لولا وجود أطراف داعمة لهذه المقاومات الباسلة ، مثل إيران وغيرها ، وقد بدأت الشعوب العربية تستلهم روح المقاومة من أعمال البطولة التى تقوم بها ، ومن ضرباتها الموجعة للمعتدين علينا ، خاصة بعد أن بدأ يظهر للجميع أن الشعوب العربية عليها أن تجد الوسائل التى تدافع بها عن نفسها فى ظل انصباب اهتمام الجيوش العربية على كيفية حماية النظم وإطالة أمد طغيانها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وفى ختام هذا المقال ، لاأجد أماى سوى أن أدعو الله بأن تفيق مصر من غفوتها وكبوتها ، ويعود حكامها إلى رشدهم ، ويعيدوها إلى مكانتها العالية التى من المفروض أن تكون عليها ، فمصر كانت - وستكون بإذن الله - قلعة العرب الحصينة ، ومنارة العزة والكرامة ، ولكنها تنتظر من يفجر طاقاتها وطاقات شعبها العظيم فى سبيل الله والأمة والحق ، ولابد كذلك أن نشكر كل من دعم المقاومة الشريفة الباسلة بأي وسيلة من وسائل الدعم والنصرة ، ربنا يبعد عنا شر المخططات الخبيثة لأى طرف كان ، تجاه أمتنا العربية والإسلامية ، والله ولى التوفيق ، ولنا تكملة بإذن الله .

ليست هناك تعليقات: