24‏/01‏/2009

غزة تحقق الانتصار رغم الدمار والحصار ... الأسباب التى تؤكد انتصار غزة المقاومة على العدو الصهيونى


































يقول الله تعالى : ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ويقول الله تعالى : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ) .

وانتهت الحرب الإجرامية الصهيونية على أبناء غزة الصابرين ، وولى 23 يوما ، شهدت أشنع وأقذر المجازر الصهيونية فى حق أبناء غزة ، هذه الحرب التى التى جاءت بعد حصار بشع وظالم زاد عن العامين ، تعرض خلاله أبناء غزة للتجويع والموت على أسرة المستشفيات بسبب نقص الغذاء والدواء ، وعادت غزة إلى العصور الوسطى بعد انقطاع الكهرباء وغياب الوقود ، ثم جاءت هذه الحرب القذرة تتمة للإجرام الصهيونى الذى استغل ضعف العرب وانحياز العالم له وفعل مايحلو له ، ولكن رغم كل هذا صمد أبناء غزة وصبروا وصابروا وتصابروا ، وأذلوا الجيش الصهيونى الحقير الجبان ، وحركت ملحمة صمود غزة مشاعر العالمين العربى والدولى ، وهبت الشعوب فى مظاهرات عارمة تطالب الحكومات بوقف هذه المجازر البشعة بحق الإنسانية .
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ، ورأى العالم هول الدمار الذى تعرضت له غزة الباسلة ، بدأت الآن مرحلة سرد النتائج ، وحساب المكاسب والخسائر ، وأنا أؤكد بإصرارعلى أن غزة شعبها ومقاومتها قد نجحوا فى الاختبار ، وحققوا انتصارا مذهلا ليس له مثيل ، وذلك رغم الدمار والهلاك العمرانى والبشرى الذى فعلته آلة العدوان والإجرام الصهيونية ، وسأسرد لكم الآن الأسباب التى تجعلنى - وتجعل الكثير من أصحاب الفكر والعقل والفطنة الذين يتعلم منهم الملايين - أن يتكلموا عن انتصار غزة ، وهذه الأسباب هى :
أولا : فشل العدو الاسرائيلى فى تحقيق أى من أهدافه المعلنة فى هذه الحرب ( تدمير المقاومة فى غزة - القضاء على حكومة حماس وسيطرتها على قطاع غزة - وقف الصواريخ الفلسطينية التى تسقط على جنوب اسرائيل انطلاقا من غزة ) وذلك رغم 23 يوما من القصف الجوى - أكثر من 2000 غارة وحشية - والمدفعى الوحشى وتدمير أحياء بأكملها فى قطاع غزة المحاصر ، وكذلك 16 يوما من العمليات البرية القذرة ، التى قامت فيها الجرافات والدبابات الصهيونية بدهس المنازل وسكانها ، وتدمير البنية التحتية للقطاع المسكين ، واستخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة مثل الفوسفور الحارق الأبيض وقنابل الدايم التى تخترق الجسم وتسبب السرطانات وتدمر أنسجة الجسم ، ومئات الآلاف من أطنان المتفجرات التى انهالت على منازل الناس ومساجدهم ومدارسهم ، ورغم كل هذل فى الوصول إلى أى من أهدافها ، فحكومة حماس ظلت مسيطرة على القطاع ، والشعب الفلسطينى ظل صامدا لم يتزعزع ولم ينقلب على حكومة حماس التى انتخبها فى أنزه انتخابات عرفها العالم العربى، والمقاومة تمكنت من إلحاق الخسائر الجسيمة بقوات الإجرام الصهيونى ، وظلت لآخر يوم من الحرب تطلق صواريخها على المدن الاسرائيلية بنفس الوتيرة .
ثانيا : يقول الله تعالى : : ( ليجزى الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم ) صدق الله العظيم .
لقد بينت هذه الحرب أصحاب المواقف السليمة ، وهؤلاء هم الذين دعموا المقاومة ودعموا صمود شعب غزة البطل ، وفى مقدمتهم كل من دعم المقاومة من كافة النواحى سواء بالدعم العسكرى أو حتى السياسى والفكرى ، وكذلك الشرفاء فى فلسطين والعالم العربى أو حول العالم ، ووضحت كذلك - للأسف الشديد - أصحاب المواقف المتخاذلة ، والمنافقين والمتواطئين - سواء بشكل مباشر أو بالتحريض أو حتى السكوت عن نصرة غزة وأهلها ) حيث تراءى للجميع الهوة الشاسعة بين مواقف معظم حكومات العالم وشعوبها ، فالشعوب - رغم التعتيم الإعلامى - خرجت ونددت وتألمت وتبرعت وتفاعلت تفاعلا مشرفا فى معظم أنحاء العالم ، فى حين ظلت الحكومات على تعنتها ومساندتها للباطل ، ورضوخها المذل للنفوذ الصهيونى ، وللأسف انطبق هذا على الدول العربية كذلك ، بل وبعض أطراف الداخل الفلسطينى ، حيث خرجت علينا أبواق الدعاية المضللة - وللأسف كثير منها عربى وفلسطينى - لتحمل المقاومة مسئولية الهجوم الاسرائيلى ، وكأنهم يبررون للصهاينة مجازرهم ، فكان هؤلاء أشد على غزة ومقاومتها من العدو نفسه ، وهذا يذكرنا بقول الشاعر : وظلك ذوى القربى أشد مضاضة ** على النفس من وقع الحسام المهند ، إذن فالخلاصة : أن الحرب كشفت عن كل المواقف ، وعرفت الجميع من المحسن والمسئ والمتردد فى الانضمام إلى أى معسكر !
ثالثا : يقول تعالى ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) .
إن الصمود الأسطورى لشعب غزة البطل هو إعجاز ربانى ، وخير دليل على ثبات هذا الشعب ورباطه على الحق ،وكذلك استمرار حكومة حماس الشرعية فى الإمساك بزمام الأمور فى القطاع المنكوب ، رغم تدمير مبانى الوزارات ومراكز الأمن ، لهو خير دليل على كفاءتها وصمودها مع أبناء شعبها ، وكذلك وعى الشعب الفلسطينى بمؤامرات الاحتلال الغاشم على المقاومة الباسلة وحكومتها التى انتخبها هذا الشعب ووضع ثقته فيها وفى شرفها ونزاهتها.
لقد دمرت الحملة الجهنمية الصهيونية أكثر من 800 مؤسسة عامة وخدمية ( مصالح حكومية ومراكز شرطة ومدارس ومساجد و... ) وكذلك تعرض 20 ألف منزل للدمار الكلى أو الجزئى ، وسقط أكثر من 1300 شهيد ، وأصيب ما يقارب 6000 آخرين بأخطر الإصابات وأفظعها وأشنعها ، ومع ذلك رأينا صمودا وثباتا ودعما للمقاومة فاق كل التوقعات - بل توقعات المقاومة ذاتها ! - ، لم نشاهد نزوح الآلاف على الحدود كما يحدث دوما فى الحروب ، ولم نشاهد تجهما من الناس وثورة على حكومتهم - كما راهنت اسرائيل على ذلك ، حيث كانت تريد إيصال رسالة قذرة إلى شعب غزة أن الويل لكم طالما استمريتم فى المقاومة رغبة منها فى جعل الناس يثورون على برنامج المقاومة والتحرر - ، وإنما رأيناهم يقيمون الخيام على أنقاض منازلهم ومزارعهم المدمرة ، كأنهم يرسلون لإسرائيل ولمن وراءها بل وللعالم أجمع ، رسالة مفادها : هذه أرضنا وأرض أجدادنا والله استخلفنا عليها ، ولذا فأن ندفن فى ترابها أشلاء خير من أن نسلمها لكم أيها القردة والخنازير ! .

رابعا : فجرت المقاومة الفلسطينية العديد من المفاجآت التى أذهلت اسرائيل والعالم ، فالقدرة على مقاومة جيش هو الرابع على العالم تسليحا ، والصمود أمام قوة نيرانه التى تفوق قدرة المقاومة ألف مرة - وهذه ليست مبالغة وإنما حقيقة - وضرباته البرية والبحرية والوحشية ، وتعطيل عملياته البرية لمدة 23 يوما لم ينجح خلالها 50 ألفا من قواته القذرة فى الاقتراب من عمق المدن فى القطاع ، ورأينا كيف أن العدو الجبان اكتفى بالتقدم فى الأراضى الجوية تحت الغطاء الجوى ، واكتفى بتدمير وسحل المدنيين الذين كان يقابلهم فى هذه المناطق المفتوحة ، ورأينا كذلك الكمائن المحكمة والاستخدام الرائع لقذائف الهاون فى ضرب تجمعات العدو ، وكذلك طرازات حديثة من الصواريخ المضادة للدروع تستخدم لأول مرة فى غزة ، وكذلك شبكة الأنفاق الرائعة التى وفرت غطاء للمقاومين ومكنتهم من تنفيذ الانقضاضات المباغته على قوات العدو ، وكذلك من إطلاق الصواريخ على مدن العدو ( بل وصلت هذه الصواريخ إلى عمق 45 كلم داخل اسرائيل ، لتهدم نظرية الأمن الاسرائيلى ، حيث أصبحت الآن غالبية الأراضى المحتلة تحت مدى صواريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية ) تحت شعار الآية الكريمة : ( ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ،وكذلك تمثل هذه الصواريخ - رغم بدائيتها وضعفها مقارنة بأسلحة الصهاينة - محاولة رائعة لنقل الحرب إلى أرض العدو وإذاقة سكان مدنه بعض المعاناة نتيجة عدوان جيشهم البربرى ، ورأينا جميعا الهلع الذى عم مدن جنوب اسرائيل ، وتعطل الكثير من الأنشطة الاقتصادية والتعليمية هناك خوفا من الصواريخ !، ويقدر بعض الخبراء أن اسرائيل تكبدت خسائراقتصادية غير مباشرة ومباشرة بفعل الصواريخ تقارب الـ 2 مليار دولار ( هذه هى الصواريخ التى قالوا عنها عبثية !! ) .
وفى المجمل : لم تعد المقاومة الفلسطينية بنفس البدائية التى كانت عليها من عدة سنوات ، بل أصبحت أكثر كفاءة وقوة ، رغم الحصار والدمار وضعف الإمكانات والاعتماد على الجهود الذاتية ، ولم يعد بإمكان اسرائيل الآن القيام بتوغلاتها فى قطاع غزة بنفس السهولة كالماضى ، ومازال مسلسل تطور المقاومة الفلسطينية وقدراتها مستمرا بإذن الله .

خامسا : أشعلت هذه الحرب الجماهير العربية والإسلامية فى كل مكان ، وارتفعت شعبية المقاومة لتعود كما كانت عليه فى بداية الانتفاضة الباسلة ، وعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة اهتمامات الأمة العربية والإسلامية ، وخرجت المظاهرات فى كل مكان رغم التشديدات الأمنية وعصاها الغليظة ، وانهالت التبرعات على الجمعيات الخيرية دعما لغزة ،وخرجت المظاهرات المطالبة بإلغاء كل الاتفاقات وقطع كل العلاقات مع الكيان الصهيونى ، واضطرت بعض الجكومات العربية أن تجارى شعوبها فى ذلك خوفا من عصيان شعبى يهدد استقرار الأنظمة - كما رأينا من تجميد قطر وموريتانيا لعلاقاتهما مع اسرائيل - .
لقد حاولت اسرائيل وعملاؤها أن يشوهوا المقاومة خاصة بعد أحداث عامى 2006 و 2007 فى غزة ، والتى شهدت اشتباكات حما س ( الحكومة الشرعية المنتخبة ) وفتح ( التيار الانقلابى السلطوى الذى غاظه اختيار الشعب الفلسطينى لحماس ونوابها ممثلين عنه بدلا من شلتهم شلة الفساد والتآمر ) ، ولاننكر الاهتزاز الذى أحدثته تلك الفتنة فى إيمان الناس بالمقاومة ، ولكن تغير كل ذلك الآن ، ورأينا الكثير من الشباب العربى والمسلم - الذين أفسدت السلبية والكليبات وسوء التربية الكثير من أفكارهم ، والذين نشأوا فى جو يدعو إلى التطبيع مع الكيان الصهيونى - يرتدون أزياء حماس والمقاومة ويرغبون بتقديم كل عون لهم ولشعبهم فى غزة ، بدءا من الجهاد معهم ، ومرورا بالتبرع بالدم والمال ، بل والشكل الجديد من المقاومة وهو المقاومة عبر الانترنت ! ( وذلك بمهاجمة المواقع الداعمة للكيان الصهيونى وبنشر القضية العربية والإسلامية وفضح الجرائم الصهيونية القذرة فى حق المدنيين وغيرها .... ) ، والخلاصة أن الحرب أيقظت ضمير الأمة العربية والإسلامية بعد طول رقاد !
سادسا : حركت جرائم الصهاينة مشاعر دعاة الحق والسلام فى أوروبا والعالم ، وخرجت الشعوب الحرة فى أوروبا فى العديد من المظاهرات وأنشطة الدعم المختلفة لغزة ، ورأينا الشعب التركى - الذى حاولت العلمانية جاهدة صرفه عن عمفه العربى والإسلامى - يتظاهر يوميا ويطالب بقطع علاقات بلده مع اسرائيل ومنع أية تعاون مشترك معها ، وكذلك قطعت فنزويلا وبوليفيا علاقاتهما مع الكيان الصهيونى ، وقامت بطرد سفيرى الكيان من أرضهما - وهما الدولتان اللتان تقعان فى آخر الدنيا بالنسبة لمنطقتنا العربية - ، لكن كما قال شرفاء الدولتين أن وجدة الإنسانية وادفاع عن الحق عبرت كل الحواجز والحدود ، كما رأينا كذلك مظاهرت فى العواصم الأوروبية تطالب بقطع العلافات مع اسرائيل ، وتدعم غزة بكل ما أوتيت من قوة ، ونذكر هنا الموقف النرويجى ، حيث ذهب العديد من الأطباء النرويجيين إلى غزة لنجدة المصابين ، وكذلك استمرت المظاهرات رغم الثلوج والبرد القارس ، وقطعت بعض الشركات صفقاتها مع اسرائيل ، والمجمل أن الحرب نبهت العالم إلى وجود شعب صابر ومشرد ومدمر اسمه الشعب الفلسطينى يبحث عن حقوقه المسلوبة فى الأرض والأمن والسلام .
سابعا : كشفت الحرب عن مدى عبثية المفاوضات مع الكيان الصهيونى ، فهؤلاء كما نعرف جميعا وكما يقول الله تعالى (أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ) ، فدعاة المفاوضات لم ينجحوا فى تحقيق أى ضغط على الكيان الصهيونى ، ولم يحققوا السلام الشامل والعادل ولم تنجح نظرياتهم عن السلام كخيار استراتيجى - والله مانا عارف بيجيبوا الكلام الكبير ده منين !! - ، ولا أعرف كيف يعتقد هؤلاء أن اسرائيل المتجبرةستعيد الحقوق إلى أصحابها بالمفاوضات ودون أي ضغط عليها بالمقاومة مثلا ، فلولا المقاومة لكانت الدبابات الصهيونية و الأمريكية تجوب شوارع العواصم العربية الآن ، وطائراتهم تنشر الخراب فى كل مكان ، وحينها لن يكون لمفاوضاتهم العبثية أية قيمة تذكر ، وهنا أرسل رسالة إلى المفتونين بالمفاوضات وأقول لهم عودوا إلى معسكر المقاومة والصمود وليقرأوا قول الله تعالى : ( وجاهدوا فى الله حق جهاده ) وقوله تعالى ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) وقول أمير الشعراء : ومانيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ، وكذلك قوله : وللحرية الحمراء باب * بكل يد مضرجة يدق .
الخلاصة : الصهاينة لا يعترفون إلا بلغة القتال والعنف ، وبالتالى لابد أن نخاطبهم بها ، وأيضا المقاومة والجهاد هما طريق نجاح المفاوضات ، والمقاومة - وليست المفاوضة -هى الخيار الاستراتيجى الأمثل - وفقا لكل المعايير الدينية والسياسية والفكرية و غيرها .. - الذى لابد أن تتبناه الأمة العربية والإسلامية ، وذلك لدحر المعتدين وتحرير فلسطين والتخلص من الذل والهوان .
وأخيرا : أهنئ نفسى وأمتى وشرفاء العالم بالنصر البطولى الذى حققته غزة وأبناؤها البواسل ،وهنيئا لغزة بمقاومتها وصمودها ، وحقا غنه لجهاد ، نصر أو استشهاد ! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: